عادت الحياة إلى طبيعتها في نجع حمادي (جنوب مصر) بعد أجواء مشحونة شهدتها المدينة طيلة الأيام الخمسة الماضية. وافتتحت المحال التجارية في الساعات الأولى من الصباح، بينما عادت حركة السير إلى طبيعتها بعدما خففت أجهزة الأمن من وجودها منذ الهجوم المسلح الذي تعرضت له تجمعات قبطية ليلة الأربعاء الماضي على يد ثلاثة شبان تواصل نيابة قنا التحقيق معهم، وما أعقبه من مشاحنات وأحداث دامية بين المسلمين والأقباط في نجع حمادي وقرى مجاورة. وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الأمن قبضت على نحو 80 مسلماً وقبطياً في نجع حمادي وقرية بهجورة في أعقاب أعمال الشغب التي شهدتها المدينتان خلال الأيام الماضية. وأشارت ل «الحياة» إلى أن الموقوفين يتم التحقيق معهم بتهم تتعلق بإتلاف ممتلكات الغير والتجمهر وتعريض حياة المواطنين للخطر وحيازة مفرقعات. وأضافت أن الموقوفين مسجونون 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وتعم حالة من الغضب الشديد بعض الأوساط الشعبية في المنطقة، وتحدث سكان ل «الحياة» عن توقيف الشرطة بعض الشبان «من دون أن يكون لهم ذنب في الأحداث التي شهدتها نجع حمادي وبهجورة»، وقالوا: «نريد الاطمئنان على أبنائنا ... لا نعلم أماكن احتجازهم ولا الاتهامات الموجهة اليهم». واعتبر مطران كنيسة نجع حمادي الأنبا كيرلس أن الأقباط الذين اعتقلتهم الشرطة ووصل عددهم إلى 45 «خرجوا للتنفيس عن غضبهم»، وأكد ل «الحياة» أن الشرطة واجهت الشباب الغاضب بخراطيم المياه والرصاص المطاطي. وقال «أصيب في هذه الأحداث نحو 10 بينهم اثنان حالتهما خطرة». وانتقد الأنبا كيرلس الحلول التي تبديها السلطات المصرية للتغلب على التوتر الطائفي، معتبراً أنها «مسكنات»، محملاً وسائل الإعلام من الجانبين (القبطي والإسلامي) مسؤولية تسخين الأجواء بين أبناء الطائفتين. وفي القاهرة فجرت دعوة النائبة القبطية والمعيّنة من قبل الرئيس المصري الدكتورة جورجيت قليني إلى اقالة محافظ قنا اللواء مجدي أيوب من منصبه، جدلاً برلمانياً شديداً في جلسة عقدت امس لمناقشة أحداث نجع حمادي. وحمّلت قليني المحافظ مسؤولية ما حدث عقب الاحتفال بعيد الميلاد في نجع حمادي ومقتل ستة مسيحيين وشرطي مسلم. وأكدت في الجلسة أن محافظ قنا قال لها خلال لقاء وبحضور عدد من المواطنين إن المسيحيين هم وراء كل الحوادث في قنا. ونفت وجود حماية أمنية كافية للحفاظ على ارواح المسيحيين الذين كانوا يحتفلون بالعيد. غير أن حديث النائبة القبطية أثار حفيظة بقية نواب المجلس من المسلمين والمسيحيين واعتبروا كلامها غير مطابق للحقيقة ورفضوا دعوتها إلى إقالة المحافظ الذي كان يحضر الجلسة ورد على قليني نافياً الاتهامات التي وجهتها اليه، مشيراً إلى أن قوات الأمن قادرة على فرض الحماية داخل المحافظة.