عاود القيادي في حزب «الاستقلال» المغربي عمدة فاس حميد شباط اتهاماته للزعيم التاريخي لليسار المهدي بن بركة بتصفية معارضيه، رغم أن هذه الاتهامات لم ترق لزعيم حزبه رئيس الوزراء عباس الفاسي وكادت تطيح بتحالفه مع حزب «الاتحاد الاشتراكي». ولعل هذا هو ما دفع شباط إلى تأكيد أن تصريحاته «لا تلزم حزب الاستقلال» وأنه يتحدث بصفته «النقابية (باعتباره الكاتب العام لاتحاد العمال) وليست الحزبية». ولا يبدو، بحسب مصادر حزبية، أن المساعي التي بذلت لتخفيف الأزمة بين الحزبين في طريقها إلى تحقيق وفاق حقيقي، خصوصاً أن الحزبين الرئيسين يخوضان منافسات انتخابات البلديات المقررة في الثاني عشر من حزيران (يونيو) المقبل، وسط أجواء غير مشجعة. ويُنظر إلى المنافسة الحامية بين مرشحي الحزبين في مدينة فاس باعتبارها مؤشر صدام، على خلفية تأرجح النفوذ السياسي في المدينة بين الحزبين لفترة طويلة، كما أن عودة المواجهة بينهما على الصعيد النقابي تبرز مشكلة التنسيق الغائب منذ فترة، والصعوبات التي تجدها زعامات الجانبين في لجم الأصوات التي تهدد بإحياء الصراع التقليدي بينهما. وربط شباط في تصريحاته الجديدة بين نشر صحيفة «العلم» التي يصدرها «الاستقلال» قصيدة بعنوان «في رثاء كلب» على خلفية خطف بن بركة في باريس واغتياله في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 1965، واغتيال القيادي في «الاستقلال» عالم الدين عبدالعزيز بن إدريس في إطار صراعات حزبية دامية في السنوات الأولى لاستقلال المغرب. بيد أن مراقبين لفتوا إلى أن تقارير «هيئة الانصاف والمصالحة» التي أحدثها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتحسين سجل بلاده في قضايا حقوق الإنسان وكشف الانتهاكات خلال ما يعرف ب «سنوات الرصاص»، لم تعرض إلى تورط بن بركة في تصفية خصوم سياسيين. وركزت الهيئة على أعمال عنف وتصفيات جسدية شملت ناشطين في حزبي «الشورى» و «الاستقلال» في معتقل «دار بريشة» في تطوان (شمال البلاد) الذي كان يعج بمخطوفين تعرضوا للتعذيب والتنكيل، إضافة إلى تورط قوات الأمن على عهد وزير الداخلية السابق الجنرال محمد أوفقير في تصفية معارضي النظام. وكانت محكمة في باريس دانت الجنرال أوفقير بالسجن مدى الحياة، على خلفية اتهامه بالضلوع في خطف بن بركة واغتياله. وهدد أفراد من أسرة بن بركة وقياديون في «الاتحاد الاشتراكي» بمقاضاة شباط بسبب تصريحاته التي ووجهت بمزيد من الانتقاد والغضب. وكان عمدة فاس انتخب كاتباً عاماً لاتحاد العمال القريب من حزب «الاستقلال» بعد إقصاء الزعيم السابق عبدالرزاق أفيلال الذي مازال يواجه تهماً بالفساد أمام محكمة في الدارالبيضاء. على صعيد آخر، اتسمت مشاركة المغرب في اجتماع وزراء خارجية الدول المغاربية الذي استضافته طرابلس بنبرة تشاؤمية. وقال وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري إنه «آسف لكون الاتحاد المغاربي لم يخرج من دائرة تلمس المسار السليم لتحقيق طموحات دول المنطقة في الاندماج... ولا أحد يجادل في أن الاتحاد يعاني من عثرات وصعوبات». ورأى أن استمرار سريان إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر «يعكس حال إحباط». إلى ذلك، نفت مصادر مطلعة تسلل ناشطين من جماعات إسلامية جزائرية متطرفة إلى المغرب. وقالت إن الأوضاع على الحدود المشتركة «تحت السيطرة». ولفتت إلى واقعة مماثلة جرى تداولها في الأشهر الأولى لولاية الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ضمن ما عرف ب «حادث بني ونيف»، لترجيح الاعتقاد بأن علاقات البلدين الجارين غير مرشحة للتحسن في المدى القصير.