اعتبر متخصصون في مجال العقار والاقتصاد، أن كارثة جدة نقطة تحول في مستقبل التخطيط السكني والتطوير العقاري وصحوة جيدة لمحاسبة المقصرين وتصحيح الأخطاء، ليس على مستوى جدة فحسب بل على مستوى كل مدن المملكة العربية السعودية». وأكدوا أن معظم الدول المتقدمة «لم تصل إلى ما حققته من تقدم إلا من طريق الاستفادة من الكوارث التي تمر فيها لتصحيح الأخطاء». واعتبر رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة خالد جمجوم، أن «لا بد من أن تكون كارثة جدة بداية جديدة لتعديل ما يمكن، وفرصة سانحة لإصلاح الخلل في التخطيط السكني والتطوير العقاري مستقبلاً، خصوصاً في ظل التوسع الحاصل»، مفترضاً احتمال أن «نعاني من مشكلة في المخططات المستقبلية». وشدد على ضرورة «استغلال صحوة الإصلاح الذي نشهدها حالياً في إصلاح كل المخالفات ليس على مستوى التخطيط للأراضي، بل لا بد من التركيز على بقية الخدمات الأخرى، والتركيز على ضرورة التأكد من توافر متطلبات السلامة في كل المشاريع». وعن الشروط التي تلزم منفذي مشاريع المخططات، رأى جمجوم أن «الشروط السابقة كثيرة، لكن يمكن ألا تكون كافية»، وأكد أن «الأهم هو ضعف تطبيق هذه الشروط». ولفت الى «إعادة النظر في مخططات كثيرة بعد كارثة جدة، وفي حال وجود أي خلل سيضغط على منفذي هذه المخططات لتعديل الخلل وإصلاحه». وأوضح أن أصحاب المخططات «يلجأون إلى الأمانة لكي تمنحهم الموافقة للبدء في بيع المخطط، وستشترط إكمال المشاريع بإتقان، ولا يمكن السماح بأي تجاوزات جديدة قد تؤدي إلى حوادث جديدة». ورأى الخبير الاقتصادي عبدالوهاب أبو داهش، ضرورة أن «تكون المخططات السكنية في مناطق آمنة بعيداً من المنخفضات والأودي، وتتوافر فيها شروط أهمها تأمين متطلبات البنية التحتية، لكن تكمن المشكلة في أن مثل هذه الشروط يرفع الكلفة في الإنجاز وبالتالي أسعار الأراضي السكنية». وأكد الحاجة إلى أن «تكون هذه العملية متكاملة ولا يمكن إعطاء أراضي مجانية ووضع مخططات، بل تكون شركات تطوير تبدأ من البنية التحتية وتدخل في ذلك عملية تمويل البناء، بحيث تتضامن شركات تطوير عقاري مع شركات تمويل حتى يتمكن المشتري من الدفع». وأكد أبو داهش ضرورة أن «تركز الأمانات في كل المناطق على أن تكون قطع الأراضي صغيرة لا تتجاوز 300 متر مربع، ليتمكن أصحاب الدخل المتوسط والمتدني من شراء الأراضي، خصوصاً أن الأسر تميل إلى أن تكون صغيرة مكونة من 4 إلى 6 أشخاص خلاف ما كنا عليه في الماضي». وركز على قضية المنح وضرورة ضبطها أو إيقافها واستبدالها بقطعة أرض وقرض بناء مشروطة بمدة معينة لبنائها، وفي حال تجاوزها المستفيد من دون بناء تسحب وتسلم إلى مستفيد آخر ممن يحتاج إلى البناء مع فرض الشرط ذاته عليه. وشدد أبو داهش على المنح التي تعطى بمساحات كبيرة لأشخاص من ذوي النفوذ، ومن ثم تتحول إلى مخططات وتباع من أصحاب الدخل المحدود ويمكن ألا تكون هذه الأراضي مطابقة للشروط.