عاد النمس نجم الجزء الرابع من المسلسل الذائع الصيت «باب الحارة» من زيارته الخاصة للولايات المتحدة من دون أن يحظى بتكريم الهيئة العامة للأمم المتحدة كما تردد قبيل سفره بقليل. وبالطبع لم تكن هناك ست محطات تلفزيونية أميركية تنتظر اللقاء ب «الفاتح الكبير» بعدما وقفت بالدور مدة شهر أو يزيد. أما عن جدول زيارته لسبع ولايات أميركية، فهذا ما لا نعرف عنه شيئاً، بخاصة أن الجالية السورية في إحدى هذه الولايات هي التي وجهت الدعوة اليه لاستضافته. ما يتعلق بالجانب الشخصي من زيارة الخاني، يظل في إطار ما هو شخصي، سواء أجاءت بدعوة من الجالية السورية أم غيرها من الجاليات العربية. ولكن ها هنا ينبغي التوقف والتريث كثيراً أمام نوعية الأخبار التي بدأت تروج ل «التكريم» الذي كان سيقام له في الهيئة العامة للأمم المتحدة، وعن ست محطات تلفزيونية تدافعت لحجز دور للقاء بالشخصية العربية التي «شغلت» الوسط الدرامي عن بكرة أبيه في الموسم الماضي كما أكدت الاستبيانات. الآن وقد أصبحنا أمام أخبار أقل ما يمكن ان يقال فيها انها مختلقة وتجاوزت الطريقة السابقة في التعاطي مع الظاهرة نفسها، فإن المطلوب هو قيام وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة بتحري مثل هذه الأخبار قبل الإقدام على نشرها، لأنها تشكل استخفافاً بعقل المشاهد لا سابق له. ظاهرة النمس أصبح ينبغي التوقف عندها والتدقيق بمكوناتها الثقافية والاجتماعية في شكل جدي. فقبل النمس لم يجرؤ أحد من أبطال مسلسل «باب الحارة» المنصرفين أو الباقين على رأس عملهم على أن يغش بالطريقة التي يغش فيها النمس حالياً، وكأنه أضحى اسماً على مسمى متعدياً حدود اللياقة الأدبية، وبخاصة أن نسبة كبيرة من الأميين المحبطين الذين يشكلون عماد ظاهرته باتوا يصدقون أن نجمهم المحبوب قادر بالفعل على «غزو» الهيئة الأممية من أوسع أبوابها وتحريك انتصارات على جبهتها في وقت فشل الساسة العرب في إحداث مثل هذا الحراك العالمي عبر سنوات من عمر المنظمة الدولية. الحقيقة أنه لا ينبغي بعد الآن التساهل مع مثل هذه الأخبار التي تستهدف الترويج للمسلسل نفسه، ولم تعد المسألة متعلقة بزيادة أجر هذا الممثل أو ذاك، أو بخلاف بين المخرج والطبيب المعالج، بل لعب بمقدرات وتراتبيات ومصائر وتوجهات لمجتمعات بأكملها.