على رغم أن المصارف هي المكان والجهة الأوفر حظاً في الحصول على مقترضين وراغبي التمويل بأنواعه، وأنها تشكل الملاذ الآمن لمن يبحثون عن الإقراض والحصول على السيولة لسد حاجتهم أو الاستثمار، إلا أنه ظهرت أخيراً ملصقات إعلانية في الأماكن العامة والمتخصصة، لإقراض المواطنين، خصوصاً المتعثرين في سداد قروض حصلوا عليها من المصارف، ولا يستطيعون الحصول على قروض جديدة. وكانت المصارف سجلت أرقاماً فلكية لمستوى قيم القروض في السنوات الأخيرة، قاربت 400 بليون ريال، قدمتها المؤسسات المالية والمصارف على اختلافاتها، كل تلك التعاملات المصرفية وأنواع الاستدانة التي يسعى الفرد للحصول عليها نتجت منها حالات تعثر عن السداد أحياناً، أو عدم الالتزام بالسداد، وهي حالات لا تخلو مصارفنا المحلية منها، قد تؤدي في معظم الأحيان إلى اللجوء للوسائل القانونية والمطالبات بحق هؤلاء المتعثرين أو المنقطعين عن السداد، وتشير الأرقام إلى أن إجمالي القروض الشخصية المتعثرة يبلغ نحو 7 بلايين ريال. وبسبب تشدد البنوك في منح القروض، خصوصاً الاستهلاكية، راجت أخيراً الملصقات الإعلانية في الأماكن العامة والمتخصصة، ومفادها دعوة «للسداد وتغطية المديونية في أسرع وقت». وظهرت فئة من الأشخاص والجهات غير المعلومة التي تقوم بالترويج لقروض ميسرة لمن لديهم قروض بنكية متعثرة أو غيرها، أو من هم مسجلون ضمن قوائم «المنظورين» وليست لديهم القدرة على الاستدانة أو إجراء العمليات المصرفية وطلب القروض، لعدم سلامة سجلهم الائتماني وبالتالي يقوم المقرضون الجدد بسداد القرض القديم للشخص بغرض الحصول على قرض جديد، ومن ثم إعادة ما دفعوه وبفائدة عالية جداً. هذا النوع من التمويل الذي تعبر عنه تلك الملصقات التي حرص أصحابها على وضعها على واجهات ماكينات الصرف الآلي، وعلى أبواب المحال التجارية الكبرى والطرق، يعكس مدى الانسياق الذي يدفع البعض للمخاطرة والقبول بهذا النوع من التعاملات التي مهمتها اصطياد أصحاب الحاجة. وإلى جانب عدم نظاميتها والشكوك التي تحيط ببنودها فهي تمثل الجانب المظلم للتعاملات التجارية والمالية في المجتمع، وإن بدت عناوينها ورسائلها الترويجية براقة وجاذبة لقارئها. «الحياة» تحدثت مع أحد الذين يقدمون خدمات الإقراض والتمويل، وذلك عبر الاتصال على الرقم الظاهر على ملصق الإعلان، والذي تردد في البداية في الحديث، لكنه سرعان ما تجاوب في الرد على أسئلتنا شريطة عدم نشر اسمه. وعن نشاطه، قال: «أقوم بتقديم قرض مالي لأي شخص يرغب في ذلك بهدف الحصول على مستحقاتي في أسرع وقت وبفائدة مجزية». ورأى أنه «يقوم بمساعدة البعض في الحصول على تمويل من المصارف من خلال تغطية قروضهم السابقة لدى المصرف، وبالتالي الحصول على آخر، ويقوم العميل بعد الحصول على قرضه الجديد من المصرف بدفع المبلغ الذي قدمناه له وبفائدة». وعندما سألناه عن سلامة نشاطه من الناحية القانونية وهل يرى فيه مخالفة، بادر بالقول: «أنا أقدم قروضاً شخصية لأفراد لديهم حالات معينة، ولا يعتبر أمراًً مخالفاً». وعن الشروط المطلوبة للحصول على خدماتهم التمويلية، قال: «إنه يشترط الحصول على عناوين العميل وشهادة تفيد عن وظيفته ونوعها». أما المحلل المالي تركي فدعق، فاعتبر في حديثه ل «الحياة» هذا النوع من التمويل «نوعاً من المخاطرة قد يقع فيه البعض جراء الاندفاع والإغراء الذي تشكله تلك الملصقات والعناوين للبعض». وأضاف: «غياب التقنين الواضح والمعلوم لهذا الإقراض يؤدي إلى التلاعب وفرض فوائد عالية وغير منطقية».