لن يمر رمضان المبارك على عائلتي الغنام واليامي، ككل عام، فصيام هذا العام سيحلُّ عليهم وهم في حال من القلق والحزن، وسينتظرون في كل مرة يجتمعون على مائدة الطعام، خلال وجبات الإفطار، ما أن تعلو أصوات المؤذنين من منائر المساجد، نبأ العثور على محمد، وفارس، وهما على ما يرام، بعد تغيّبهما في ظروف «غامضة» منذ أشهر، أثناء ابتعاثهما للدراسة في الولاياتالمتحدة. أسوأ ما يراود أذهان أفراد العائلتين اللتين تسكنان الأحساء ونجران، السيناريو الذي عاشته قبل أشهر عائلة القاضي، حين فقدت ابنها عبدالله، طوال شهر كامل. وتلاشت أخباره بعد أن قام بعرض مركبته للبيع من طريق أحد المواقع الإلكترونية، أعقب ذلك تكثيف أمني للبحث عنه والتحفّظ على مشتري المركبة قيد التحقيق. ما كشف اللغز، ودلّ على مكان وجود جثّة المُبتعث السعودي، مخبأة في مكان لا يبعد عن منزله سوى مسافة بسيطة، وعليها آثار طعنات في أنحاء متفرقة. ولا يزال أصدقاء الطالبين المتغيّبين محمد الغنام وفارس اليامي، سواءً الذين شاركوهما الهمّ الدراسي في ولايتي «أركانسس» أو «فيرجينيا»، أو من يرتقبون عودتهما إلى أرض الوطن، وتحديداً في مسقط رأسيهما الأحساء ونجران، يصبّرون أنفسهم بتداول ذكريات الماضي التي عاشوها أثناء حلول رمضان المبارك. فمنهم من غرّد في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بالدعاء بأن يحمل الشهر الفضيل «بُشرى خير» تعيدهما من غيابهما. فيما استمرّ آخرون بوضع صور مشتركة لهم مع المفقودين، وتدوين عبارات تثبت «رابط الأخوّة»، وتشير إلى «روح الأمل»، مبدين «التفاؤل» بقرب عودتهما مجدداً. وكتب متعب عبدالله، وهو صديق المفقود محمد الغنّام عبر صفحته الشخصيّة: «نحن ننتظرك على الإفطار الجماعي كالعادة». فيما ذكر راضي السيّار، أنّ «تغيّب المبتعثين المفاجئ أصبح ظاهرة يجب الوقوف عليها بشكل عاجل». وفقد المُبتعث السعودي فارس قعوان اليامي منذ 13 أيار (مايو) الماضي، ما تسبب في حال من «الصدمة والقلق» بعد تلقي أهله أنباء عن تغيّبه طوال الفترة الماضية في ظروف «غامضة». فيما كثّفت الأجهزة الأمنية الأميركية جهودها، وانتشر أفرادها، وبخاصة في ولاية فيرجينيا، حيث مقرّ سكنه، على أمل العثور عليه أو التوصّل إلى أي خيط يفكّ لغز اختفائه المفاجئ. وتسعى الأجهزة الأمنية إلى التأكد ما إذا كان اليامي موجوداً في أميركا، أم سافر إلى دولة أخرى. وكان فارس من الطلبة المتفوقين في دراستهم الجامعية، ويدرس الهندسة منذ ثلاثة أعوام، وتحصّل على نسبة 4.8 من خمسة، ولم تسجّل عليه ملاحظات. أما محمد الغنّام، وهو أيضاً كان يدرس الهندسة، فمر على اختفائه نحو ثلاثة أشهر، وتحديداً منذ 28 آذار (مارس) الماضي، وهو تاريخ آخر تسجيل دخول في أيقونة برنامج «واتسأب»، حينما افتقده إخوته وذووه، بعد إن انقطعت سبل التواصل بين الأسرة المقيمة في محافظة الأحساء، وابنها المختفي في ولاية «أركانسس» الأميركية، أثناء تنقله مع أحد أقاربه في رحلة بريّة استغرقت يومين، وكانت آخر عهدٍ لهم به. وذكر مقرّبون للغنّام الذي كان يسكن بلدة القارة، أنه كان «صديقاً مقرباً للكاميرا، لا يزور مكاناً إلا ويوثقه فوتوغرافياً، ويعشق تغطية المناسبات والحفلات، وحفظ ذكريات أصحابها». وكان قرر ترك عمله في شركة «أرامكو السعودية»، ليكمل دراسته الجامعية. فيما ترك إلى جانب زوجته وأهله وذويه، طفلين، لا يزالان يتساءلان عن سر تغيّب والدهما. لكنه «سر» لا يعرفه أحد من المحيطين له، تماماً كما هو زميله الذي لم يعرفه: فارس اليامي.