عندما جمع الجمهوري جيب بوش المتبرعين في ميامي لحضور لقاء خاص في نيسان (ابريل) الماضي، كان من الواضح أنه يخطط لحملة أقل اعتمادا على الخطط المرسومة وأكثر اتصالا بالناخبين في انتخابات الرئاسة الأميركية لا تحمل في طياتها أوجه شبه بحملة ميت رومني الفاشلة في انتخابات 2012. وكانت الرسالة التي نقلها مستشارو بوش «فلندع جيب يكون على طبيعته». ومن المنتظر أن يطلق الحاكم السابق لولاية فلوريدا جيب بوش حملته لانتخابات العام 2016 في ميامي غدا (الإثنين)، بعد أن أقام هيكلا تنظيميا يحظى بتمويل جيد، وإن واجه بعض المعضلات التي واجهها رومني. وتظهر استطلاعات الرأي أن بوش البالغ من العمر 62 عاما في مركز متقدم يتساوى فيه مع آخرين في السباق على الفوز بترشيح «الحزب الجمهوري» لخوض في انتخابات الرئاسة لخلافة الرئيس باراك أوباما. وتقود هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة في حكومة أوباما السباق بين الديموقراطيين. وترك رومني نفسه عرضة للهجوم من منافسيه في الحزبين في العام ،2012 فوصفه الديموقراطيون بأنه ثري ويعتبر نفسه من الصفوة وبعيد عن الواقع، وكان المحافظون أيضا يتشككون فيه. ومثل رومني يواجه بوش مهمة صعبة تتمثل في اقناع المحافظين في الحزب بأنه واحد منهم. وسيتعين عليه أيضا مراعاة تجنب وصفه بالبعد عن الناخبين. وقال المتحدث باسم بوش تيم ميلر ان «الشيء الرئيس الذي يتحدث عنه هو أنه يريد إبداء ما في قلبه» مستذكرا بذلك ما أبداه الناخبون من آراء في رومني لدى خروجهم من مراكز التصويت يوم الانتخابات في 2012. وفي مقطع فيديو سجل سرا في العام 2012 قال رومني إن أنصار أوباما 47 في المئة من الناخبين، ووصفهم بأنهم يعيشون على ما تقدمه الحكومة لهم من حسنات ولا «يهتمون بحياتهم». ولم ير الأميركيون جانبا مختلفا من شخصية رومني إلا عندما عرض فيلم وثائقي في العام 2014 بعد خسارته الانتخابات بمدة طويلة لصالح أوباما. وكان الفيلم «ميت» مليئا بمقاطع فيديو لما كان يدور في الكواليس وعن حياته العائلية والألم الذي شعر به عند هزيمته في الانتخابات. وحضرت المتبرعة تيريزا كوسترزيوا من كارولاينا الشمالية اللقاء الذي عقده بوش في ابريل (نيسان) الماضي للمتبرعين في ميامي. وقالت إنها شهدت فرقا جليا بين حملة رومني وحملة بوش. وكانت كوسترزيوا تبرعت لرومني وهي تتبرع الآن إلى بوش. وقالت »عرفنا من هو ميت الحقيقي بعد عامين من الانتخابات عندما صنع أحد فيلما وثائقيا. أما شعار هذه الحملة فهو ‘فلندع جيب يكون على طبيعته«. وقال مستشار لبوش إن «هذا الشعار يعني أن الأميركيين سيشاهدون بوش في أماكن لم يزرها رومني وحيث لا يذهب في العادة مرشحو الحزب الجمهوري الذي يغلب عليه البيض، مثل كنائس السود والأحياء التي يعيش فيها ذوي الأصول اللاتينية والجامعات». وحيث كان رومني يخضع لقيود مشددة تحد من حركته سيبذل بوش محاولة متعمدة لكي يكون أكثر اتصالا مع الناخبين، يتلقى أسئلتهم ويجيب عليها في لقاءات موسعة وهو أسلوب يقل فيه الاعتماد على الخطط المرسومة كثيرا عما كان عليه الحال في حملة رومني. وعلى النقيض من رومني الذي كان قليل التفاعل مع الصحافيين الذين يغطون حملته وكان يرد على أسئلتهم في مناسبات محدودة، بدا بوش مرتاحا إلى حد كبير وهو يتبارى مع رجال الإعلام رغم زلة وقع فيها ردا على سؤال عما إذا كان سيبدأ الحرب على العراق مثلما فعل أخيه الرئيس السابق جورج دبليو بوش وهو يدرك كل ما يدركه الآن. وقال المستشارون إن بوش سيعمل على إبراز صورته بطريقة تراعي عائلته المعروفة، وأنه سيبرز للناس مدى اهتمامه بهم بالتركيز على سجله في الفترة التي قضاها حاكما لفلوريدا. وربما لا يركز بوش ومستشاروه على مثال رومني إذ يقولون إن الأمر لا يطرح في الاجتماعات. لكنهم يدركون الدروس المستفادة من رومني. وبتمسك بوش بمواقفه المعتدلة في الهجرة والسياسة التعليمية فإنه يحاول دفع الجمهوريين إلى أن يكونوا أكثر قبولا للاخرين وفي ذلك مجازفة في ضوء ميل الحزب لليمين في السنوات الأخيرة. وقال بوش للصحافيين في استونيا يوم (السبت) الماضي في ختام جولة شملت ثلاث دول «لن أغير شخصيتي لأن شخصا ما في وقت ما له وجهة نظر معينة». وإذا نجح في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري فإن مواقفه قد تساعده في حملة الانتخابات العامة عندما يحاول مرشحا الحزبين الجمهوري والديموقراطي التأثير في الناخبين الذين لم يستقر رأيهم بعد في منتصف الطيف السياسي. غير أن بوش معرض الآن لهجمات منافسيه الجمهوريين الذي سيحاولون التفوق عليه للفوز بآراء اليمين بالاستفادة من مخاوف المحافظين ألا يكون واحدا منهم. وسيكون بوش على استعداد للرد بالمثل، ويتمثل ذلك في تعيينه داني دياز السياسي الجمهوري المشاكس مديرا لحملته. واستضاف رومني في مطلع الأسبوع الحالي عددا من المرشحين الجمهوريين في لقاء خاص للمتبرعين في دير فالي بولاية يوتاه، للدلالة على أنه مازال له دوره كوسيط محتمل. وتناول الإفطار يوم الجمعة الماضي مع ماركو روبيو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا وهو منافس لبوش. وقال مستشار بوش رون كوفمان إن «بوش وفريقه سيحتاجون للعمل بجد لرسم صورة مرشحهم والتأكيد على سجله المحافظ كحاكم لفلوريدا في الفترة من 1999 إلى 2007». واضاف كوفمان «أعتقد أن الأرقام سترتفع ما أن يتم تذكير الأميركيين بعمق زعامته كحاكم ومنجزاته».