ليست المسألة متعلقة بالفتاة التي طلبت من ابيها «كيري» فرفض طلبها قائلاً: «مالك الا ولد عمك»، وعندما اخبرته ان «كيري» جبنة، حسم الأمر بقوله ان ابن عمها مثل القشطة. كما انها لا تتعلق بالرجل الذي يحادث زوجته هاتفياً: «هلا يا عمري، ابشري يا حياتي، آمري يا قلبي»، فاستنكر عليه صحبه هذا الحنان المستجد، فاخبرهم انه نسي اسمها. نكت وطرائف من الباب والشباك والنافذة، حتى ليخيل اليك ان اشتراكاتك في الجوالات الصحافية والاخبارية ستأتيك بنكت اخرى، والكل يصف ما ارسل من النكت بانها «قوية وجديدة». في الايام الأولى من «شرهة» الرسائل المجانية كان الأمر مقبولاً الى حد ما، ففيه «فشة خلق»، او كما يعتقد البعض جازمين فيه تعويض عن خسائر سابقة بسبب اخطاء فنية، وفيه ايضاً استعادة لبعض الناس الذين لم نر منهم في الماضي نصف رسالة. بعد ذلك دب الملل في انفس الناس، وبات الأمر مزعجاً قليلاً، ولولا بعض «القفشات» الجديدة فعلاً من حين لآخر لنشبت بعض المعارك بين بعض الناس وبين من تفرغوا لهذه الرسائل المجانية، اما بأخذ اجازة من اعمالهم او بالتواجد في اعمالهم بروح الاجازة، وما أكثر الفئة الثانية في كثير من الادارات... ما علينا. ما يهمني من الموضوع هو ملاحظة جوهرية، ساقها متلق لمئات الرسائل يومياً هي ان النكت والطرائف حتى لو كانت جيدة بدأت تصبح باهتة، ولم يعد الكثير منها قادراً على اضحاكك، اما لتكرارها الممل، او لان سقف التوقعات ارتفع لديك من كثرة المعروض أمامك، وبالمناسبة فان مسألة ارتفاع السقف مردودة على الازواج «المتعلقين بها» لبرمجة المزيد من القنوات الفضائية، او لأفعال أخرى يعرفونها جيداً.وبالفعل، يبدو ان لدينا مخزوناً محدداً من الضحك، تم استنفاده في الايام الأولى، ثم اصبحت الضحكة عزيزة أكثر، وهي أخيراً باتت كذلك، خصوصاً الصافية النقية الصادقة منها، تلك التي تدمع عيناك منها بفرح، ولا تدمع لأن الضحكة اخرجت حشرجات الحزن من داخلك. وبعيداً عن الضحك، لمسنا ابداعات «مسجية» من انواع مختلفة، كما لمسنا نقداً يلبس ثوباً طريفاً لقضايا آنية نعيشها مثل كارثة جدة، وكوارث كرة القدم، والازدحام المروري، وغلاء المعيشة، ومشكلة الاسكان، والبطالة، وذكورية المجتمع، و«تأنث» بعض ذكوره، لكن أهم ملمح عشناه هو الفجوة بين العرض والطلب على كل من الابتسام، التواصل الحقيقي، تصنيف الاصدقاء، والجبيرة الخاصة باصبع الابهام، ومقويات الاظافر «للنساء»، والشفافية في قطاع الاتصالات. [email protected]