بين النظام والتعسف شعرة يعبّر المتضررون عنها أحياناً بالاحتجاج وأخرى بالصمت، وإحدى وسائل الاحتجاج السلمية الانسحاب، خصوصاً إذا كان الأمر تحت قبة مجلس الشورى، إذ بدأت تظهر حالات الانسحاب اعتراضاً على إدارة الجلسة وحرمان بعض الأعضاء من فرصة الحديث، وفقاً لقواعد عمل المجلس، مثلما حدث في جلسة الإثنين الماضي للعضوة الدكتورة دلال الحربي إثر منعها من تقديم توصية إضافية، فيما اعتبرت ما تعرّضت له بأنه «مصادرة علنية لأحد حقوقها». حادثة الحربي لم تكن الأولى داخل المجلس، إذ انسحبت العضوتان الدكتورة لطيفة الشعلان والدكتورة لبنى الأنصاري في إحدى جلسات العام الماضي احتجاجاً على «التعسف الإجرائي» الذي مارسه رئيس الجلسة حينها الدكتور محمد الجفري، بعد عدم قبوله النظر في عريضة رفعها نحو 30 عضواً رفضوا خلالها التصويت على توصية. والاختلاف في انسحاب الحربي الأخير أن منعها من الحديث كان مخالفاً لقواعد عمل المجلس نفسه بحسب المادة 31، والتي تمنح العضو حق عرض التوصية، الأمر الذي دفعها إلى إيضاح أسباب انسحابها للرأي العام بعدما نشرت «الحياة» ذلك أول من أمس، مبيّنة أنها لم تتمكّن من ذكر ذلك داخل المجلس. بدأ الأمر حين قدّمت الحربي قبل ثلاثة أشهر توصية لم تقبل بها اللجنة الإسلامية في المجلس بعد شهرين من تقديمها، وبحسب نظام المجلس يحق للحربي الإصرار على عرض توصيتها، ليكون المجلس الحكم فيها. وأكدت الحربي أن توصيتها (نشرتها «الحياة» الثلثاء الماضي) تم إدراجها في جدول أعمال جلسة الإثنين، على رغم محاولة رئيس اللجنة الإسلامية طلب تأجيلها شفهياً عبر اتصال هاتفي مساء ليلة الجلسة، إلا أنها أكدت بأنها لا تزال تتمسك بحقها البرلماني في تقديم التوصية. وكشفت الحربي في حديثها ل«الحياة» عن تطورات الأحداث تحت القبة وقت عقد الجلسة، بعد أن أعلن رئيس اللجنة الإسلامية تأجيل عرض التوصية، على رغم تنويه رئيس الجلسة برغبة الحربي في عرض التوصية، إلا أن رئيس الجلسة منح رئيس اللجنة الإسلامية فرصة أخرى للتفكير في الرد على التوصية، ومنع العضوة من الكلام أو الاعتراض مع أن التوصية بين يدي اللجنة منذ ثلاثة أشهر، وتم الرد على جميع التوصيات الأخرى. واعتبرت الحربي أن ما حدث محاولات للضغط عليها والتأثير في قناعاتها، مشيرة إلى أن اللجنة الإسلامية اعتبرت أن مضمون توصيتها «المطالب بخُطب جمعة في الحرمين عالمية المحتوى ذات حساسية عالية»، من دون أن تتاح الفرصة لها في توضيح وجهة نظرها، وبالتالي حرمان الأعضاء من حقهم الشوري في تقرير مصير التوصية. وقالت: «إن ما جرى تحت القبة غير مرضٍ، خصوصاً بعد أن شارك رئيس الجلسة رئيس اللجنة الإسلامية في مصادرة علنية لحق من حقوق عضو الشورى وفقاً لنظام المجلس».