حذّر وزير بريطاني إيران، أمس، من أن «الساعة تدق» في شأن حسم موضوع برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه عسكري، لكن طهران تؤكد أنه سلمي. لكن الوزير المكلّف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية إيفان لويس أكد في الوقت ذاته أن «الباب ما زال مفتوحاً» أمام الإيرانيين للتعاون مع المجتمع الدولي قبل حسم الخطوة المقبلة معهم «خلال أسابيع». وركّز الوزير لويس في لقاء مع مجموعة صغيرة من الصحافيين في مكتبه أمس على المحادثات التي أجراها مع المسؤولين العراقيين في بغداد والبصرة وأربيل قبل أيام. وقال: «ذهبت إلى العراق وأنا أشعر بتفاؤل، وعدت منه وأنا أشعر بتفاؤل». وشدد على أهمية الانتخابات العراقية المقررة في آذار (مارس) المقبل، وقال إن «من المهم أن تنتج من هذه الانتخابات حكومة تكون فعّالة وشاملة وتحظى باحترام الشعب العراقي». وقال لويس إن محادثاته مع المسؤولين العراقيين «تركّزت على موضوع الرهائن البريطانيين» الذين خُطفوا في 2007 على يد مجموعة منشقة عن «جيش المهدي» في بغداد وعُثر حتى الآن على جثث ثلاثة منهم (من بين خمسة). وقال: «آنذاك، لم يكن قد تحدد بعد مصير بيتر مور وآلان ماكمانمي. شددنا أمام الحكومة العراقية على التزامنا البعيد المدى لضمان عودة الرهائن إلى عائلاتهم، وتلقينا تطمينات من الحكومة العراقية بأن ذلك يبقى موضوعاً رئيسياً لهم. وبعد أيام من عودتي إلى المملكة المتحدة شعرت بالسعادة أن بيتر مور أُفرج عنه وعاد الآن إلى بلاده وعائلته. لكننا نبقى نشعر بقلق بالغ لمصير آلان ماكمانمي، ونحض الذين يحتجزونه على أن يُفرجوا عنه من منطلق إنساني للعودة إلى عائلته في شكل عاجل. إن تقديرنا لم يتغيّر. للأسف، إننا نعتقد أن آلان قد قُتل، ولذلك فإننا نطلب من الخاطفين أن يقوموا بالعمل الصائب ويفرجوا عن جثمانه لعائلته. ولكن إذا كان آلان حياً - ونحن لم نغيّر رأينا أنه قُتل - فإن من المهم اتاحة الفرصة لعائلته للحصول عليه، وأحض مجدداً أولئك الذين هم على معرفة أو على اطلاع على معلومات عما حصل له أن يساعدوا عائلته في الخروج من مأساتها». وقال رداً على سؤال ل «الحياة» عن المزاعم الخاصة بتورط لعناصر إيرانية في خطف الرهائن البريطانيين: «ليس لدينا دليل مباشر على تورط إيراني في عملية خطف الرهائن. لنكن واضحين: في هذه اللحظة لا دليل مباشراً لدينا على ذلك وهذا كل ما يمكننا قوله الآن عن هذا الموضوع». وسألته «الحياة» هل تفاوضت بلاده مع الخاطفين لتأمين إطلاق قياديين محتجزين في العراق في مقابل الإفراج عن الرهائن، فأجاب: «لا، لم نتفاوض مع خاطفي الرهائن. ولكن، بالطبع، الحكومة العراقية شاركت في مصالحة مع فصائل مختلفة في المجتمع العراقي. ولنكن واضحين، بعض هذه الفصائل كان خارجاً عن الإطار العام في العراق. إن الطريقة الوحيدة كي يتقدم العراقيون هو أن تكون هناك مصالحة (بينهم)، وأحياناً تكون المصالحة مع أناس كانوا في الماضي على هامش الجسم الأساسي للمجتمع العراقي. عملية المصالحة تلك، كما نعرف، ما زالت مستمرة، ويجب أن تتواصل في المستقبل سياسياً. ولكن لجهة هل نحن من قام بالتفاوض مع المسؤولين عن خطف الرهائن البريطانيين، فالجواب اننا لم نقم بذلك». وتابع أن بريطانيا لا تعترض على مصالحة بين الحكومة العراقية وفصائل عراقية متمردة قتلت بريطانيين. وقال: «لدينا بالطبع مشاعر مختلفة إزاء الأشخاص الذين يقومون بأعمال رهيبة، ولكننا نحترم أن الحكومة العراقية يمكنها أن تأخذ مثل هذه القرارات في شأن مصلحة العراق وضمان استقراره على المدى البعيد». وقال لويس إن «جزءاً كبيراً» من المحادثات التي أجراها في العراق أيضاً تركز أيضاً على علاقات العراق مع دول الجوار، وهذه العلاقات أساسية في تحديد مستقبل العراق. وبالتأكيد شعرنا أنه على الصعيد الثنائي يمكن أن تلعب بريطانيا دوراً مهماً في مجال دعم الدول المجاورة كي تكون لها علاقة ايجابية مع العراق، وليس مجرد أن تكون علاقة عدم إيذاء العراق بل أبعد من ذلك. فمثلاً، نعتقد أن علاقتنا مع الكويت، وهي علاقة حارة وطويلة، هي مجال من المجالات التي يمكننا أن نساعد فيها في تسهيل وتحسين العلاقات بين العراق والكويت». وتابع: «إننا نرحّب في شكل كبير بالتحسن في العلاقات بين العراق وتركيا، ونودّ أن نرى هذا الأمر يتطور أكثر في المستقبل». لكنه زاد: «تحدثنا أيضاً عن علاقات العراق مع إيران وسورية. نفهم أن هذه العلاقات أساسية. وبالطبع فإننا نبقى قلقين جداً من قدرات البرنامج النووي الإيراني، ونحن قلقون جداً من أن إيران لم ترد في شكل ايجابي على اقتراحات ال «3 + 3» (بريطانيا وفرنسا وألمانيا + الولاياتالمتحدة والصين وروسيا) في شأن الحوار والتواصل، كما أنها لم ترد على غصن الزيتون الذي مدّه في اتجاهها الرئيس الأميركي باراك أوباما. وبصراحة، فإن الساعة تدق بالنسبة إلى إيران، والمجتمع الدولي عليه أن يقوّم استراتيجية حواره مع إيران. ونحن ما زلنا نأمل، على رغم وصولنا إلى هذه المرحلة المتقدمة جداً، أن تأتي إيران للجلوس إلى الطاولة وتبدأ نقاشاً جدياً، ولكن يجب أن يكون واضحاً أن لا مجال للتفاوض، من وجهة نظر المجتمع الدولي، على (السماح) لإيران بتطوير قدرات تسلّحية نووية. وهذا الموقف ليس مجرد موقف بريطاني أو أميركي، بل رأي منظمة الطاقة الذرية التي صوّتت أخيراً بغالبية على قرار يقول إن ايران لا تتعاون في ما هو مطلوب منها. ولذلك، فإن على المجتمع الدولي أن يُجري تقويماً في غضون أسابيع في شأن أين سيسير من هنا في الموضوع النووي الايراني». وعن الموضوع الإيراني، قال: «لم نحدد بعد طريقة للتعامل مع إيران، ولكننا نعتقد أنه سيكون هناك اجماع دولي. لا نريد أن نأخذ اجراءات أحادية، وما زلنا نريد أن نشارك إيران في محادثات سياسية وديبلوماسية. هذا ما تريد بريطانيا أن تقوم به وما يريد المجتمع الدولي أن يقوم به. الباب ما زال مفتوحاً للديبلوماسية والمحادثات، ولكن المشكلة هي أنه حتى اليوم لم يكن هناك رد ايجابي من النظام الايراني الى اللفتات التي قام بها المجتمع الدولي إزاءها». وعن موضوع الخلافات بين سورية والعراق، قال لويس: «لدينا حوار مع سورية وأوضحنا لها تكراراً - وسنواصل فعل ذلك - أننا نتوقع منها أن تُقرر هل تريد أن تكون على هامش المجتمع الدولي أم في صلبه. أوضحت للسوريين، خلال الصيف الماضي، أن التدخلات في العراق والسماح للمتمردين بالذهاب إلى العراق أو تشجيعهم على ذلك أمر غير مقبول. وسنواصل قول ذلك للسوريين بغض النظر عن أي حادثة معينة، كالاتهام الذي وجهه العراق إلى سورية بالتورط في التفجيرات التي حصلت أخيراً وهو أمر ليس لدينا دليل مباشر عليه». وقال إنه أثار مع المسؤولين العراقيين موضوع مخيم أشرف الذي يؤوي عناصر منظمة «مجاهدين خلق» المعارضة للحكم الإيراني. وشدد على ضرورة أن يكون تعامل الحكومة العراقية مع المخيم «متوافقاً مع القانون الدولي ومع احترام حقوق الأفراد. وحيث يمكن فعل ذلك، يجب أن يتم الترحيل وفق مبدأ طوعي، وأن يتم أي تدخل في مخيم أشرف في شكل غير عنيف. ونأمل أن تحترم الحكومة العراقية التزاماتها في التعامل مع موضوع مخيم أشرف بطريقة حساسة وتأخذ في الاعتبار حريات المقيمين فيه».