أثار التعايش الإلكتروني بين الطائفتين «السنية والشيعية» في السعودية، خلال الأسبوعين الماضيين غضب واستنكار مغردين «دواعش»، الذين كانوا موضع هجوم من مغردين «سنة» رداً على «رقصهم» فوق أشلاء شهداء القديح والدمام، وبجولة عابرة في معرفات مواقع التواصل، يتضح الكم الكبير من اللحمة الوطنية التي تجسدت في التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا المصلين في الجوامع. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بمناظرات فكرية وسجال علمي وساخر أيضاً من مغردين سعوديين، وسجّل التنديد بالعمليتين الإرهابيتين «الداعشيتين» حضوراً بارزاً في مواقع التواصل، لا سيما موقع «تويتر»، فيما لم تقتصر الصورة على بعض الشخصيات الاعتبارية وبعض المتخصصين في شؤون الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وإنما امتدت لتصل إلى حسابات يحملها الناس عامة، إذ لا تكفّ تلك الحسابات عن إبداء آرائها ووجهات نظرها، التي تتفق في معظمها على الرفض التام للأعمال الإجرامية للتكفيريين، والتأكيد على ضرورة التآلف والتعايش بين المواطنين. وما لبثت حادثتا التفجيرين الانتحاريين على جامعين بالمنطقة الشرقية في الجمعتين الماضيتين، إلا وعاد جموع المغردين من سنّة وشيعة إلى التنديد والاستنكار عبر تغريدات عدة، فيما اختار البعض أن يتواصل مع الحسابات التابعة لتنظيم «داعش» الذي تبنّى بدوره العمليتين الإرهابيتين لمناقشتهم عقدياً وفكرياً، في محاولة إلى إقناعهم بجرمهم البالغ، في حين لا تكاد تتسّع بعض تلك النقاشات إلا وتنتهي بالحظر الصادر من أتباع التنظيم، في صورة تعزز عدم قدرتهم على المناظرة والمجابهة، واللافت أن عدداً ليس بالقليل من النقاشات مع «الدواعش» يكون أطرافها مواطنين غير مشهورين على النطاق الواسع. وأكد رئيس حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية الشيخ عبدالمنعم المشوح، زيادة عدد الزيارات لصفحات الحملة عبر مواقع التواصل بعد حادثتي القديح والدمام، بمعدل يزيد عن 180 في المئة من وقت سابق، وأوضح في تصريح ل«الحياة» بأن تجربة السعودية في بعض الجوانب الأمنية خلال الأعوام الأخيرة، نجحت بأن جعلت المجتمع هو المواجه فكرياً للتنظيم، وأضاف «ما يُشاهد حالياً عبر المواقع بحر متلاطم من الأفكار والمواجهة فكرياً سعودية شبابية من الدرجة الأولى، وهذا يشمل جرائم التنظيم الإرهابي خارج المملكة وأخيراً في الداخل. وأشار إلى أن الرد يكون أحياناً بطريقة ساخرة وهزلية وأحياناً عقلياً وعلمياً، وقال: «نفخر بهذا المستوى من المواجهة وإن كانت النخب لها موازناتهم في الرد، لكن الشباب والمجتمع هو الرقم الأول في المواجهة»، وقال: «الهاشتاغات التي أصدرها التنظيم الإرهابي والتي تبث الفتنة بعضها بل معظمها فشل». مشيراً إلى ارتفاع عدد زوار موقع السكينة، وبخاصة الصفحات المتخصصة في الرد على الشبهات بعد حادثة القديح بمعدل 180 في المئة عن الفترات السابقة، ما يدل على الحرص في البحث والتقصي عن المعلومات. وأضاف: «دورنا يكمن في تقديم الأدوات والمعلومات والردود العلمية والشباب يواجهه وينشر، وعلينا أن نحافظ على هذا المستوى من الوعي الشبابي ومحاربته للفكر الإرهابي والمتطرف». وأكد الباحث في مجال الشؤون الأمنية أحمد الموكلي، بأنه لا يوجد أدنى شك في أن الثورة المعلوماتية والتقنية، التي نشهدها تعتبر أحد أهم الأدوات التي أحدثت نقلة نوعية لدى أبناء هذا الجيل في المردود المعرفي، مشيراً في حديث ل«الحياة»، بأنها أسهمت بما تحمله من مزايا وخصائص في فتح أبواب المعرفة أمام الجميع، وفي شتى المجالات وبأسهل الطرق، بعد أن كانت محصورة على فئات من دون غيرها، فالعملية الاتصالية لم تعد في اتجاه واحد بل أصبحت في اتجاهين، وهذا يشكل جيلاً واعياً ومثقفاً يقرأ ويحاور ويجادل، فتكونت لديه ثورة معرفية حررته من التبعية الفكرية التي كانت في السابق. وأوضح الموكلي أن الأفكار التي تتبناها الجماعات الإرهابية على سبيل المثال ظلت حتى وقت قريب صندوقاً أسود لا يعرف شفرته إلا المؤدلجون، والآن أصبح الكثير من أبناء هذا الجيل يعرف مفاتيحه، وكيف يتعامل مع الواقع الذي تحاول فرضه هذه الجماعات، فواجه الفكر بالفكر والدليل بالدليل، لافتاً إلى أن هذا ما كانت تسعى إليه حكومة المملكة ضمن استراتيجيتها في مكافحة الإرهاب التي تسير في اتجاهين: المكافحة والوقاية، ويمثل مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة ركيزتها الأساسية، وساعد هذا الوعي المعرفي في حماية المجتمع من تفشي ظاهرة الإرهاب، كما أن أثره الأكبر سيظهر خلال الأعوام المقبلة، حينما تنقرض بقايا هذه الجماعات بفعل الوعي المجتمعي والأمني. الدمام تجهز شهداءها لتشييعهم... اليوم استعان الفريق المشرف على تغسيل جثامين شهداء تفجير جامع الإمام الحسين في حي العنود بالدمام، بجهود مغسلي جثامين شهداء القديح، إضافة إلى رأي مجموعة من المشايخ في طريقة تغسيل الشهداء، لصعوبة حالة جثثهم. وأشار إلى أن جثامين الشهداء نقلت أمس لمغتسل مدينة سيهات التي ستشهد تشييع الشهداء قبل نقلهم للمقبرة المعنية، وقال باسم العيثان: «إن اللجنة ارتأت تسلم الجثامين أمس، كي يتم تجهيزها بوقت كاف، ولخصوصية الجثامين التي تحتاج إلى وقت طويل للتجهيز بسبب حالتها، على أن يتم إبقاؤها بعد الانتهاء في غرف شديدة التبريد حتى ساعة التشييع المقررة». وأوضح أنه تم تجهيز أربعة قبور في المقبرة الجديدة، والتي سميت بمقبرة الشهداء، وهي أول قبور يتم حفرها فيها.