تترقب إسرائيل باهتمام بالغ نتائج الاجتماع الذي يعقد في القاهرة اليوم بين الرئيس حسني مبارك والرئيس محمود عباس (أبو مازن)، معوّلة على «نجاح الزعيم المصري في إقناع ضيفه» باستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وأن يتم التمهيد لها بلقاء قمة يعقد في مصر بمشاركتهما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، وربما وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وفيما نقلت وسائل الإعلام العبرية عن أوساط نتانياهو استعداده التفاوض على كل قضايا التسوية الدائمة من دون شروط مسبقة، أضافت أن مواقف رئيس الحكومة من قضايا الحل الدائم لم تتغير، وأن «القدس (الشرقيةوالغربية) هي العاصمة الأبدية لإسرائيل»، وأنه يعارض بشدة قبول لاجئين في حدود إسرائيل. من جهته، شكك وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في شرعية رئيس السلطة الفلسطينية، مهدداً بأن عباس «سيكون الخاسر الوحيد من وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل». وأفادت صحيفة «هآرتس» أمس ان إسرائيل والولايات المتحدة ترميان بكل ثقلهما الآن لحمل الرئيس المصري على إقناع عباس بالعودة إلى طاولة المفاوضات. ونقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع قوله إن «لمصر تأثيراً في الفلسطينيين يفوق حتى تأثير (الرئيس باراك) أوباما فيهم». وتابعت أن نتانياهو نجح خلال زيارته لمصر الأسبوع الماضي في تغيير المقاربة المصرية تماماً نحو العملية السياسية، وأن «مبارك أيقن أن نتانياهو جدي، وأنه يدرك الواقع، ومستعد للتباحث في الذهاب جدياً نحو اتفاق». واعتبرت صحيفة «معاريف» أن التغيير الجدي في مواقف نتانياهو الناجم أساساً عن قبوله «خطة كلينتون» التي تطرحها وزيرة الخارجية الأميركية، قد يقنع عباس باستئناف المفاوضات. وتابعت ان الخطة تقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود عام 1967 مع تبادل أراض متفق عليه، والاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، على أن تعكس الحدود اعترافاً بالواقع الناشئ، في إشارة إلى الكتل الاستيطانية الكبرى وضمها إلى إسرائيل. وبحسب وسائل الإعلام الأميركية، فإن هذه المواقف ستبلور في رسالة ضمانات لكل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل. لكن مسؤولاً كبيراً في مكتب رئيس الحكومة قال للصحيفة إن نتانياهو لم يعط موافقته على الخطة الأميركية بداعي أنه يتوجب عليه طرحها على «المنتدى الوزاري السباعي» أو على الحكومة الأمنية المصغرة. وأضاف ان موضوعي القدس واللاجئين لم يذكرا خلال محادثات نتانياهو مع الرئيس المصري، وأن رئيس الحكومة يدعو إلى استئناف المفاوضات ومن دون شروط مسبقة، على أن يطرح كل جانب مواقفه خلالها، «لكن رئيس الحكومة مدرك أن القضايا الجوهرية: القدس واللاجئين والحدود والترتيبات الأمنية والمياه، ستطرح حتماً في المفاوضات». من جهتها، أفادت صحيفة «هآرتس» أن نتانياهو أطلع الجمعة الماضي وزراء المنتدى على تفاصيل محادثاته مع مبارك عن التفاهمات الإسرائيلية في شأن شروط استئناف المفاوضات. وتابعت أن الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل سيصل إلى المنطقة بعد أسبوع لبلورة إطار المفاوضات. وبحسب مسؤول إسرائيلي، فإن الضغط الآن هو على الفلسطينيين. وأضافت أنه من أجل إعادة عباس إلى طاولة المفاوضات، فإن الإدارة الأميركية مستعدة للتعهد (في رسالة ضمانات تسلمها للسلطة) بأن مساحة الدولة الفلسطينية ستكون مماثلة لمساحة الضفة الغربية وقطاع غزة عشية احتلالهما عام 1967، أي أن الفلسطينيين «سيحصلون على تعويض ملائم وكاف» عن الأراضي المقامة عليها الكتل الاستيطانية المزمع ضمها لإسرائيل. واستبق عدد من أركان الحكومة الإسرائيلية أي تطور في الاتصالات الإسرائيلية – المصرية لاستئناف المفاوضات بإطلاق تصريحات اتهمت الفلسطينيين بعرقلة العملية السياسية. وبزّ ليبرمان زملاءه بإطلاق تصريحات تشكك في شرعية رئاسة عباس، وقال في حديث للإذاعة الإسرائيلية أمس إن الحكومة الإسرائيلية الحالية «قامت منذ تشكيلها بجملة من اللفتات الطيبة تجاه الفلسطينيين» من أجل استئناف المفاوضات، بدءاً بخطاب «جامعة بار ايلان» الذي أعلن فيه نتانياهو قبول حل الدولتين، مروراً بإزالة حواجز ومساعدة عباس في تنظيم مؤتمر «فتح» وانتهاءً بتعليق البناء، «ولن ندفع أكثر من ذلك مقابل متعة الجلوس مع أبو مازن ... قمنا بما يكفي من اللفتات الطيبة تجاهه ... لن ندفع ثمن بطاقة دخول لمفاوضات مع أبو مازن أو مع صائب عريقات». وأضاف: «سمعت أبو مازن يهدد بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل (في حال واصلت خطواتها العسكرية الأحادية الجانب على غرار ما حصل في نابلس الأسبوع الماضي)، وأريد أن أقول هنا إن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يخسر من وقف التنسيق الأمني هو أبو مازن ... سواء على الصعيد الشخصي أو على صعيد السلطة الفلسطينية. يجب أن نوضح الأمور لا أن نفزع».