أقسم بالله العظيم أنني تعبت من الكتابة عن سياسيي وبرلمانيي الغفلة في المنطقة الخضراء في بغداد، علماً بأن لدي من المعلومات ما يُعرّي نصفهم على الأقل، وأشرت إلى بعض من تلك المعلومات في مقالات سابقة لكن لم يعد لدي جلد لمواصلة التعرية، لكثرة من يستحقون التعرية، ومعلوم أن من يجاري أو يرد على السفيه، سفيه مثله. قبل أيام اتهم رئيس دائرة المتفجرات في وزارة الداخلية اللواء جهاد الجابري، السعودية بتمويل تفجيرات بغداد، وصرّح سفير العراق لدى الرياض الدكتور غانم الجميلي لهذه الصحيفة نقلاً عن جلال طالباني: «إن تصريحات الجابري غير دقيقة وغير موفقة، وإن الرياض من أكثر عواصم الجوار حرصاًَ على وحدة وسيادة العراق». الأربعاء الماضي خرج سفيه آخر، واتهم دولاً مجاورة للعراق بتمويل الهجمات الدموية، التي نفذها بعثيون في عدد من مناطق العراق، بحسب قوله، وسأكون سفيهاً مثله وأفنّد ادعاءاته. ذكر القيادي في حزب «الدعوة» عضو «ائتلاف دولة القانون» علي الأديب (اسمه الحقيقي علي يزدي إيراني الأصل، حصل على الجنسية العراقية بعد الاحتلال الأميركي للعراق)، أن هناك «مخاوف حقيقية من عودة البعث إلى الحكم، استناداً إلى كثير من المؤشرات (...)، وأن هناك معلومات مؤكدة - بحسب زعمه - عن حصول حزب البعث على موارد مالية كبيرة من بعض دول الجوار»، لكنه لم يحدد تلك الدول. دول جوار العراق هي: إيران، تركيا، سورية، الأردن، السعودية، الكويت. يزدي أو الأديب يعلم أن إيران التي دعّمت القاعدة وما زالت لا يمكن لها أن تدعم البعثيين ضد أبنائها في المنطقة الخضراء، وهي (طهران) أرسلت الجنرال في الحرس الثوري سليماني برفقة عبدالعزيز الحكيم ومقتدى الصدر، لحضور إعدام الرئيس الراحل صدام حسين، بهدف التشفي من الرجال الذين جرعوا عرابها في 8-8-1988 كأس السم على الملأ. يزدي أو الأديب الذي عرف عنه أنه لا يتكلم في البرلمان إلا للدفاع عن إيران، أو لشتم دول الجوار، خصوصاً السعودية وسورية، يعلم أيضاً أن تركيا دولة حياد ومواقف، وسورية ليست قادرة على دعم عمليات كبيرة، وأن الكويت بعد غزوها لا يمكن أن تعطي فلساً واحداً للبعثيين، والأردن عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، إذاً لم يبق إلا السعودية، ورفاق يزدي الذين يتبادلون معه الأدوار صرّحوا غير مرة بأن «دولة مجاورة غنية» تموّل عمليات التفجير في بغداد، متجاهلين أن ذاكرتنا لم تُثقب بعد، وللتذكير فقط أقول ليزدي ورفاقه: تذكروا أن القوات الأميركية ألقت القبض منتصف 2006 على ضابط في الجيش العراقي السابق بحوزته 7 بلايين دولار، هل تريدونني أن أذكّركم باسمه؟ صدام قال قبل الاحتلال وبعده: إن لدى العراقيين من العدة والعتاد ما يكفي لقتال الأميركيين 20 عاماً، وزاد عليها سلفه عزة الدوري عشر سنوات أخرى، وكتبت في هذه الصحيفة عام 2004 تفاصيل الخطة العسكرية والتمويلية، التي وضعتها قيادة العراق برئاسة صدام حسين لمواجهة الأميركيين ما بعد الاحتلال. البعثيون – يا يزدي – حكموا العراق نحو 34 عاماً، وخاضوا حرباً ضد إيران، ولديهم القدرات العسكرية والسياسية والمادية الكافية، ولا أعتقد أنهم من الغباء، بحيث يغادرون الحكم من دون أن يكون لديهم البديل القوي لمواجهة الاحتلال وأعوانه. قلت لك إنني نشرت في هذه الصحيفة سنة 2004 الخطة البديلة التي وضعتها قيادة العراق، ونفّذتها على ثلاث مراحل. تريد أكثر البعثيون دخلوا برلمانكم وحاوروكم داخله، ودخلوا رئاسة الوزراء، وأفشلوا كثيراً من مخططاتها، ليس هذا فحسب، بل إنهم يشربون الشاي صباح مساء في رئاسة الجمهورية، وهذا ما يخيفكم! أقسم بالله - يا يزدي – أنني أختلف مع البعثيين في بعض طروحاتهم وتحولاتهم، لكن البعثيين أثبتوا أن لديهم مشروعاً سياسياً وطنياً، ولكن ما هو مشروع «العمائم»؟ هل تريدون طمس 7 آلاف سنة من الحضارة؟ هل تريدون تقسيم العراق وإعادته إلى ما قبل التاريخ؟ أعطني مشروعكم السياسي، أياً كان، لأقول لك إن العراق أشبه بطائر الفينيق، عصي على الموت، وكفاكم توزيع الاتهامات يا أبناء قلعة الموت.