بات الغموض سيد الموقف في شأن قوانين تنظيم التشريعيات التي تسلمها مجلس الدولة المصري أواخر الشهر الماضي لمراجعة صياغتها القانونية وكان يفترض صدورها هذا الشهر، فيما أعلنت أحزاب أمس صوغ تعديلات قانونية موازية سلمتها إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي يملك سلطة التشريع. وبدا أن ذلك الارتباك قد يؤدي إلى تأخير جديد للانتخابات التي وعد السيسي بإتمامها هذا العام. وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكماً في آذار (مارس) الماضي بعدم دستورية تقسيم الدوائر المخصصة للمنافسة بالنظام الفردي، وبعدم دستورية حظر ترشح مزدوجي الجنسية. وأعادت الحكومة تشكيل لجنة قانونية لإجراء التعديلات المطلوبة، ظلت تعمل أكثر من شهر قبل أن تعلن في 29 الشهر الماضي، تسليم القوانين المعدّلة إلى مجلس الدولة. ولم تستجب تلك التعديلات لمطالب قوى سياسية تتحفظ عن توسيع المنافسة بالنظام الفردي، ما دعا مجموعة من الأحزاب يتقدمها «الوفد» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «النور» السلفي إلى الاتفاق على صوغ مشاريع قوانين موحدة لتنظيم التشريعيات أعلنت أمس أنها سلمتها إلى الرئاسة. لكنها اقتصرت أيضاً على التعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية ولم تتوسع لتطاول النظام الانتخابي برمته. ووفقاً لقوانين الانتخابات المعدلة التي يراجعها مجلس الدولة، فإن البرلمان سيتألف من 568 مقعداً بالانتخاب بينها 448 مقعداً، موزعة على 203 دوائر بالنظام الفردي، و120 مقعداً أخرى موزعة على أربع دوائر بنظام القوائم المطلقة المغلقة. واعتبر القيادي في «تحالف التيار الديموقراطي» أحمد البرعي أن «الحوار الجاد هو الحل لأزمة عدم دستورية قوانين الانتخابات»، مشيراً إلى أن «الأحزاب قدمت رؤية واضحة لهذا القانون من خلال ورش العمل التي عقدتها خلال الأيام الماضية». وأبدى تفاؤله باستجابة الرئاسة مشاريع التعديلات المقترحة، موضحاً أن تفاؤله «نابعٌ من أن المشروع الموحد جاء نتيجة حوار بين عددٍ لا بأس به من الأحزاب». وأكد أنه «في حال موافقة الرئيس على بعض اقتراحات الأحزاب في المشروع الموحد، وليس كلها، تكون فتحت الباب أمام تجديد الثقة بين القوى المجتمعية وفتح المجال أمام حل الأزمات بالحوار». أما رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات فطالب ب «إرسال توصيات الأحزاب على وجه السرعة إلى مجلس الدولة ولجنة الإصلاح التشريعي، حرصاً على خروج قانون الانتخابات البرلمانية بما يتفق مع القانون والدستور، ويرضي آمال وطموحات الأحزاب والقوى السياسية والشعب في برلمان قوى يتعامل بسرعة وجدية مع قضايا المصريين وهمومهم». وأكد أن «توصيات مبادرة القانون الموحد للانتخابات، رغم تحفظات بعضهم عنها واختلافنا في شأن تأثيرها من عدمه في مسار قانون الانتخابات، إلا أنها في النهاية جهد مشكور ودليل حرص وشعور الأحزاب بمسؤوليتها تجاه القوانين التي تمس حياة المصريين، كما أن المبادرة توسع الخيارات أمام الرئيس ومجلس الدولة إذا تم النظر في ما تم إعداده من جانب الأحزاب ويتفق مع القانون والدستور». ودعا السادات الأحزاب التي قررت مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة إلى «مراجعة موقفها مرة أخرى وتغليب المصلحة الوطنية، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، ويمكن في ما بعد أن نقوم بتعديل ما نريد تعديله من قوانين وتشريعات من خلال البرلمان». وعزا الناطق باسم حزب «المحافظين» محمد أمين اقتصار التعديلات التي أجرتها الأحزاب ضمن مبادرة «القانون الموحد للانتخابات» على الدوائر الفردية، إلى أن «المبادرة كانت تقوم على إجراء تعديلات على المواد المطعون فيها بعدم الدستورية، وهو ما تم الاتفاق عليه بالإجماع بين الأحزاب، ولم نكن بصدد إعداد قانون جديد. حدث التباس لدى وسائل الإعلام، لكن كل ما كان يشغلنا هو سرعة تنفيذ خريطة الطريق بإجراء التشريعيات». وأوضح ل «الحياة» أن «مشاريع التعديلات التي أرسلتها الأحزاب إلى الرئاسة المصرية تتضمن سبع مواد في قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومادة وحيدة على تقسيم الدوائر، وخمس مواد في قانون تنظيم الانتخابات، إضافة إلى بعض التوصيات وضعناها خارج مشاريع التعديلات وتتضمن رؤيتنا لشكل القوانين برمتها». إلى ذلك، اجتمعت الهيئة العليا لحزب «الوفد» بتشكيلها الجديد بعد الانتخابات التي أجريت يوم الجمعة الماضي، برئاسة رئيس الحزب السيد البدوي مساء أمس. وتضمنت أجندة الاجتماع عدداً من الملفات، أبرزها الاستعداد للانتخابات البرلمانية من جهة، وكذلك البحث في تنفيذ المبادرة الرئاسية للمصالحة بين جبهة البدوي و «جبهة الإصلاح» التي يقودها منافسه فؤاد بدراوي. واعتبر القيادي في «جبهة الإصلاح» عصام شيحة أن «الكرة الآن في ملعب رئيس الوفد لتنفيذ البنود التي وردت في المبادرة التي تم إعلانها بعد اجتماع قيادات الوفد مع الرئيس». ولفت إلى أن «المبادرة تشمل تعديل اللائحة الداخلية وإعادة تشكيل الجمعية العمومية وإعادة المفصولين». وأضاف: «اختلفنا على أسماء العشرة المعينين، إذ رفض البدوي الأسماء العشرة التي قدمت ولم يقبل إلا اسماً واحداً، وطالبنا باختيار آخرين». من جهة أخرى، التقى وزير الدفاع صدقي صبحي أمس قائد القيادة المركزية الأميركية لويد أوستن الذي يزور مصر حالياً. وتناول اللقاء مناقشة عدد من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك والتدريبات المشتركة بين الجانبين «وسبل تدعيم أوجه التعاون العسكري في المجالات المختلفة في ضوء العلاقات المتميزة التي تربط الدولتين».