تجربة «تقاسيم شرقية» للتشكيلي نايل الملا، من أهم ما اشتغل عليه الملا في الأعوام الأخيرة، كما أن هذه التجربة حفزت بعوالمها ومقترحاتها اللونية، النقاد لمقاربتها والتعاطي معها نقدياً. وبدت هذه التجربة، التي سيكون التشكيليين السعوديين والعرب في الرياض على موعد معها قريباً، على قدر من الجدة والتفرد، إذ مزجت بين عناصر ومكونات مختلفة، وأثارت أسئلة حيوية. وتعد «تقاسيم شرقية»، التي حصدت جوائز دولية عدة، من أهم التجارب ليس فقط بالنسبة إلى نايل الملا، الذي اقتنت أعماله أرامكو السعودية والخطوط الجوية العربية السعودية ومؤسسة المنصورية للثقافة والإبداع ودارة الفنون بالأردن ومتحف الجرافيك العالمي بمصر وجامعة كومبلوتينسي (مدريد-إسبانيا) وسواها، إنما على مستوى التشكيل السعودي في شكل عام. مجموعة «تقاسيم شرقية» من الأعمال المثيرة في تركيبها، بحسب التشكيلي محمد العامري، فهي «تعبِّر عن فكرة المتوالية اللونية المشفوعة بالإيقاع، أي موسيقى الحركة الداخلية، والظاهرية، حيث نشهد نسجيات قد حلجت بصياغات ذكية». والغريب، كما يقول العامري، أن هذه الأعمال «جاءت لتجد تصالحاً بين العامة والنخبة، تلك المعادلة التي استطاع أن يقدمها الملا من دون أن يتنازل عن متطلبات العمل الفني، والمحافظة على القيم الفنية والجمالية التي لم تأت مصادفة، بل جاءت نتاج خبرة عميقة تحققت من خلال نتيجة العمل». وتتميز هذه التجربة بطابعها المركب والبسيط في آن، فيها تأخذ الألوان مسارات تستقطب المتلقي إلى فضاءات لونية متضادة أحياناً. و«تقاسيم شرقية» فيها من روح الشرق، مثلما فيها من عقلانية الغرب وولعه بالتكنيك واستخدام أدوات متطورة، لرسم تطلعاته. فالملا، الذي درس الفن في مركز دبلن للفنون بإرلندا، وكذلك في الأردن وكلية الفنون الجميلة في مدريد وفي المركز العالمي المعاصر للجرافيك في جامعة سانتياجو، ينطوي على فهم عميق وشديد التعقيد لأسرار اللون وطبيعة التشكيل المتغيرة باستمرار.