على وقع تظاهرات حاشدة موالية للنظام الإيراني تخللتها دعوات الى إعدام زعماء المعارضة، هدد قائد الشرطة الإيرانية ب «سحق» أي مسيرة جديدة للإصلاحيين، فيما أعلن نائبٌ محافظ ان القضاء باشر ملاحقة عدد من قادتهم. في الوقت ذاته، أشار مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي الى «انحراف بعض الأفراد في البلاد»، في إشارة ضمنية الى احتجاجات المعارضة. وقال: «لو لم تحدث هذه المسألة ولم يبدِ بعضهم ضعفاً في منتصف الطريق، لكان وضع البلاد في المجالات المادية والمعنوية، أفضل بكثير مما هو عليه الآن. لكن حقائق المجتمع تؤشر الى انه كلما كان هناك تساقط في العناصر، يكون الاستقطاب والالتحاق ضعف ذلك العدد». واعتبر خامنئي ان «تصريحات قادة بعض دول العالم حول أعمال الشغب في طهران في ذكرى عاشوراء الأحد الماضي، نابعة من نيات خبيثة وتطوع البعض لتغيير الحقائق، والتأثر بوسائل الإعلام الصهيونية والأجنبية». وأعرب الرئيس محمود أحمدي نجاد عن «أسفه» لأن الغرب الذي «أيّد» تظاهرات المعارضة «لم يستوعب دروس الماضي». وقال: «تخيّلوا ان في إمكانهم تهيئة الأجواء، ثم الاحتفال (بسقوط النظام الإيراني)، ثم محاولة تضخيم الموقف بتلفيق الأنباء أو إثارة الموقف بالمبالغات. اعتقدوا أن في إمكانهم تركيع إيران. كلا، إنهم على خطأ، إيران ماضية في طريقها بقوة». وأضاف أن «الشعب الإيراني محيط واسع بعيد الأغوار، وسيأتي يوم يتحوّل فيه إلى محيط يغلي ويزمجر، وحينئذ لن تسنح لهم أي فرصة للتكفير عن أخطائهم». وشهدت طهران ومدن أخرى إيرانية تظاهرات قدّرت وكالة «رويترز» عدد المشاركين فيها بمئات الآلاف، فيما تحدثت وكالتا الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) و «مهر» عن مشاركة «ملايين». وهتف هؤلاء ضد المرشحين الخاسرين في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي ومهدي كروبي، مرددين «الموت لموسوي» و»يجب إعدام المشاغبين المنافقين». وفي وقت لاحق، ذكرت وكالة «ارنا» الرسمية أن موسوي وكروبي غادرا طهران في طريقهما الى اقليم مازندران شمال إيران، لكن موقعاً إلكترونياً للمعارضة أفاد بأن السلطات هي التي أبعدتهما. وقالت الوكالة «ان اثنين من قادة التمرد غادرا طهران الى شمال ايران بعد ان لاحظا تصاعد غضب الشعب الذي يطالب بمعاقبتهما»، في تلميح الى انهما ذهبا بملء ارادتهما. لكن موقع «رهسابز» اعطى تفسيرا مختلفا لظروف واسباب مغادرتهما، وذكر نقلا عن نشرة داخلية للوكالة نفسها «ان عناصر من الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات اقتادوا موسوي وكروبي الى مدينة كيلار - عباد (...) في اقليم مازندران لحمايتهما من غضب الشعب». واضاف الموقع نقلا عن النشرة ايضا «ان موسوي وكروبي هما حاليا تحت سيطرة عناصر من وزارة الاستخبارات والحرس الثوري ويتواجدان في كيلار - عباد». واعتبر رجل الدين المتشدد احمد علم الهدى ان «من يقفون في وجه ولاية الفقيه، منبوذون، أياً يكن ماضيهم، انهم الأكثر كراهية وخبثاً». وخاطب علم الهدى وهو عضو في مجلس خبراء القيادة، «رؤوس الفتنة» قائلاً: «إذا لم تعلنوا التوبة، انتم محاربون لله ولرسوله، وسيتصدى لكم الشعب والنظام بناءً على ذلك». والحرابة حدّها القتل وفقاً للشريعة. وأصدر المتظاهرون في طهران بياناً طالب «المهزومين في الانتخابات الرئاسية، والذين مهّدوا لانتهاك القوانين والأعمال المعادية للثورة»، ب»إعلان البراءة صراحة من مرتكبي أعمال الشغب المرتبطين بالاستكبار والصهيونية العالميين، والتخلي عن مواقفهم المعارضة لمسيرة الشعب والإسلام، وإلا سيطالهم غضب الشعب الإيراني الثوري والمسلم وسيُطردون من الساحة الى الأبد». في الوقت ذاته، أكد قائد الشرطة الجنرال إسماعيل احمدي مقدم، ان الشرطة لن «ترحم» المشاركين في أي احتجاجات جديدة للمعارضة، مهدداً ب «سحقهم»، في حين أعلن وزير الاستخبارات حيدر مصلحي «الحصول على معلومات مهمة في شأن زعماء فتنة يوم عاشوراء، بعد اعتقال عناصر هذه الفتنة الذين اعترفوا بها للجهات المعنية». ونقل النائب المحافظ حسن نوروزي عن المدعي العام غلام حسين محسني ايجائي أعلن ان «مير حسين موسوي ومهدي كروبي وقادة آخرين للفتنة، باتوا مُلاحقين قضائياً». وأوضح ان ايجائي ابلغ النواب بذلك خلال اجتماع مغلق لمجلس الشورى (البرلمان) عُقد أمس، مشيراً الى أن «المدعي العام لم يتكلم عن اعتقالات، بل قال إن هؤلاء باتوا مُلاحقين قضائياً». وقال أن «المطلب الأساس للنواب كان محاكمة قادة الفتنة واعتقال أشخاص مثل موسوي وكروبي وحتى فايزة هاشمي (ابنة رئيس مجلس خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني). يجب اعتقال كل من يثير توتراً».