قال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إن «مؤتمر إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية»، الذي بدأ أعماله في الرياض أمس، ويستمر ثلاثة أيام، بحضور الأطراف اليمنية، عدا الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يأتي في ظل ظروف بالغة التعقيد والخطورة، وفي ظل تحديات وصعوبات كبيرة، بعد أحداث مأسوية تعرض لها الشعب اليمني جراء انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح، وما نتج منه من احتلال للعاصمة صنعاء، وقصف للقصر الرئاسي في عدن، ومحاولة اغتيال رئيس الجمهورية مرات عدة، والسيطرة بقوة السلاح على مؤسسات الدولة المختلفة، ونهب معسكراتها. وأشار إلى أن انطلاق مؤتمر الرياض في هذه اللحظة التاريخية يكتسب أهمية استثنائية كبيرة، بوصفه المحطة السياسية الأبرز بعد الانقلاب، «وتقع علينا جميعاً مسؤولية تاريخية فارقة، نظراً للوضع الاستثنائي الذي يمر به الشعب اليمني العزيز». وأكد أن «المؤتمر هو لأبناء الشعب اليمني بمختلف مكوناته وأطيافه السياسية والاجتماعية، ولا يمكن مطلقاً أن يتم استثناء أي طرف، طالما كان أمن واستقرار اليمن هدفه، وبناء الدولة المدنية الاتحادية غايته، من دون استعلاء أو ادعاء أو استقواء». ووعد هادي شعبه ب «أن الفرج سيكون قريباً بإذن الله، وأن مصير الهمجية لم يكن يوماً غير مزبلة التاريخ. ستنتصر بلادنا، وسيعود وطننا بهياً شامخاً عالياً». وخاطب أبناء الجنوب قائلاً: «ثقوا دائماً بأننا لن نسمح مطلقاً بالالتفاف، أو الانتقاص من عدالة القضية الجنوبية ومحوريتها». وأعرب الرئيس اليمني في كلمته عن الشكر للسعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وإلى الشعب السعودي. وأضاف: «الشكر موصول لكل الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي الذين لم يخذلونا أبداً، وكانت مواقفهم ثابتة، داعمة ومساندة لليمن وقضاياه وهموم أبنائه، فنحن منكم وإليكم كجزء أصيل وأساسي من النسيج الخليجي، نتطلع إلى التئام النسيج الواحد، واللحمة الواحدة، فالتاريخ والحاضر يشهدان بكل وضوح أننا نسيج واحد، وقضية وهمٌّ واحد». وأكد أن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن يمثل «علامة فارقة على تعافي الجسد العربي في تلبية نداء اليمنيين، لإنقاذهم من حال الفوضى والخراب، التي أنتجتها الأيادي المتسللة لمنطقتنا، تعبث بالأمن والاستقرار». وذكر أن من «الضروري العمل على تحقيق الأهداف الإستراتيجية لعاصفة الحزم وإعادة الأمل، وضمان انسحاب الميليشيات من المدن التي احتلتها، وعدم السماح لها باستغلال الهدنة لمزيد من التمدد وقتل المدنيين». وطالب الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي بالعمل على مراقبة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي صدر تحت الفصل السابع، وأن يضطلعا بدورهما في حماية أبناء الشعب اليمني. وأكد رئيس الهيئة الاستشارية للمؤتمر عبدالعزيز الجباري أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي «لتأكيد دعم الشرعية، ورفض الانقلاب، والتمسك بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني». ونوّه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني بإصرار الشعب اليمني على «تغليب الحكمة، واختيار الحوار طريقاً لتحقيق الأهداف والغايات التي يتطلع إليها». وأشار إلى أن الرئيس اليمني «حدد غايات المؤتمر في مجموعة من الأهداف، وهي المحافظة على أمن اليمن واستقراره في إطار التمسك بالشرعية، ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى الإعلان الدستوري، ورفض شرعنته، وإعادة الأسلحة والمعدات العسكرية التي تم الاستيلاء عليها إلى الدولة، وعودة الدولة لبسط سلطتها على مجمل الأراضي اليمنية، والخروج باليمن من المآزق إلى بر الأمان». وقال السفير البريطاني لدى اليمن أدموند فيتن - نيابة عن الدول الداعمة للمرحلة الانتقالية - إن «الالتزام بمخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن من شأنه الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه». وحض جميع «الأطراف على العمل مع مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بنيات حسنة لإكمال عملية المرحلة الانتقالية السياسية التي تلبي تطلعات الشعب اليمني. وأضاف: «إننا نرفض بشدة استخدام العنف، وندين الأعمال الأحادية كافة، التي تقوض المرحلة الانتقالية السياسية». وأعرب عن قلقه في شأن الحاجات الإنسانية للشعب اليمني». وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي، «أود التذكير بالموقف العربي تجاه التطورات في اليمن الذي أكدته القمة العربية التي عقدت في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية في نهاية آذار (مارس) الماضي، والمتمثل في الترحيب والتأييد الكامل للإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن، وذلك استناداً إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية وإلى المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، وانطلاقاً من مسؤولياته في حفظ سلامة الأوطان العربية، ووحدتها الوطنية، وحفظ سيادتها واستقلالها». وقال مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد: «نأمل في المساهمة من خلال هذا المؤتمر بالتوصل إلى حل سلمي دائم في اليمن». وأضاف أن الأممالمتحدة «تقر بأن دول مجلس التعاون الخليجي لها دور محوري في إنهاء معاناة الشعب اليمني، ودعم الحل السياسي السلمي للأزمة اليمنية المستمرة، فلطالما واجه اليمنيون في أنحاء البلاد كافة مستويات مأسوية من المعاناة، والعنف على مدى الأشهر الماضية، ولهذا تكتسب الهدنة الإنسانية القائمة حالياً أهمية قصوى، تمنح اليمنيين فسحة لطلب المعونة الطبية، واستجلاب السلع الأساسية العاجلة». وأكد نائب الرئيس اليمني رئيس مجلس الوزراء خالد بحّاح عودة الحكومة الشرعية إلى اليمن قريباً، رافضاً تحديد مدة زمنية لتلك العودة. وقال إن العودة ليست مرهونة بالخيار العسكري على الأرض، إلا أنه لم ينف أن ذلك أحد الخيارات المطروحة. وكشف عن قيام الحكومة باتصالات مع جميع أطياف وأحزاب المجتمع اليمني، ومنهم الحوثيون، إلا أنهم لم يحضروا الاجتماع. وعن مؤتمر دعت الأممالمتحدة إلى عقده في جنيف من أجل اليمن، قال بحاح: «هناك اجتهادات من الجميع، والأممالمتحدة لديها ستة قرارات، وتبحث عن أي وسيلة إضافية، وليس بديلاً من مؤتمر الرياض». ووصف بحاح مؤتمر الرياض بعد جلسته الأولى بالناجح، «حيث كل الوجوه الوطنية اليمنية موجودة اليوم، وجميع الرموز السياسية. وهذه رسالة لأي لقاء مستقبلي في إطار التنفيذ الأساسي، لكنه ليس حواراً، حتى يكون هناك نوع من المصطلحات السياسية».