أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ضرورة تطويق الفتنة التي كادت تعصف في منطقة الأعظمية (شمال بغداد) وتعهد ملاحقة مثيريها، وذلك بعد إحراق مجهولين أحد المباني التابعة لهيئة الوقف السني في المنطقة وعدداً من المنازل فيها، وفيما اعتبر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر هذه الاعتداءات «مشينة ووقحة»، طالب المجمع الفقهي لكبار علماء أهل السنة بمحاسبة المتورطين وتشكيل قوة خاصة لحماية المدينة ومراقدها المقدسة. وشهدت منطقة الأعظمية، في ساعة متاخرة ليل الأربعاء - الخميس أعمال شغب واضطرابات وأحرق عدد من الشباب مبنى للوقف السني وعدداً من المنازل والسيارات، بعدما بثت إشاعة وسط آلاف الزوار الشيعة المتوجهين الى مدينة الكاظمية بوجود حزام ناسف بينهم. وأمر العبادي قوات الأمن بملاحقة مثيري الفتنة، وأفاد مكتبه بأن «اندساس ارهابيين بين زوار الإمام الكاظم، ادى إلى اقتحام مبنى الاستثمار للوقف السني وليس الوقف نفسه، أثر ادعاء بوجود حزام ناسف»، وأضاف أن «القوات الأمنية تحركت على الفور للسيطرة على الموقف في الأعظمية»، مشيراً الى ان «قيادة عمليات بغداد لديها أوامر من القائد العام للقوات المسلحة بالتعامل بكل حزم مع اي محاولة لزعزعة الأمن والعمل على حفظ أمن المواطنين وممتلكاتهم». وأكد ان «الوضع الأمني تحت السيطرة وتجري متابعة اي محاولة مماثلة وتطويقها والسيطرة عليها، نظراً إلى كثافة اعداد الزوار ووجود تنظيمات ارهابية لديها مخططات لبث الفتن ونقل صورة مغايرة عن التلاحم بين مكونات الشعب العراقي». وخلال تفقده منطقتي الأعظمية والكاظمية صباح امس، قال العبادي: «هناك من استكثر على العراقيين وحدتهم فأرادوا اشعال هذه الفتنة، لكن تم التصدي لها بوعي ابنائنا وشيوخنا والأجهزة الأمنية». وأضاف: «تم استتباب الأمن في المنطقة، ولم نحتج حتى إلى القوات الخاصة التي ارسلناها»، مؤكداً أن «وعي العراقيين وتعاضدهم من اجل نصرة البلد وطرد الإرهاب سيفوتان الفرصة». كما زار وزير الدفاع خالد العبيدي الأعظمية للوقوف على ماجرى، وأشاد عقب حضوره صلاة موحدة مع أهالي الكاظمية والأعظمية في جامع الإمام الأعظم بجهود الزوار والأهالي لدرء الفتنة». وأكد وزير الداخلية محمد الغبان الذي زار الأعظمية «وجود مندسين متورطين بأحداث الشغب التي شهدتها المنطقة والسلطات تمكنت من اعتقال بعض منهم»، وأشار إلى أن «الأوضاع في الأعظمية عادت الى وضعها الطبيعي والدولة عازمة على التعامل بحزم مع متسببي الأحداث المؤسفة». وصف الصدر الأحداث التي شهدتها مدينة الأعظمية بأنها «مشينة ووقحة وخارجة عن اخلاق اهل البيت». وقال الصدر في رد على سؤال ورد اليه: «اليوم وبدلاً من أن تقف وقفة العز والإباء لتجديد النهج المحمدي الأصيل صار بعض المحسوبين عليه زوراً وبهتاناً يعمدون الى تأجيج الفتنة الطائفية والاعتداء على الأبرياء من اهالي مدينة الأعظمية التي عمدت الى إنقاذ الزوار الغرقى قبل اعوام وعلى رأسهم عثمان تغمده الله برحمته»، مشيراً الى أنهم «عمدوا اليوم على حرق بيوت الأعظمية وبعض مقارها وآخرون صاروا يستعرضون بالزي العسكري ويرمون العيارات النارية». وأوضح أن «هذه الأفعال المشينة الوقحة انما هي خارجة عن اخلاق اهل البيت عليهم السلام»، وتابع «إن شذاد الآفاق ممن هم لا ينتمون لا إلى التشيع ولا إلى التسنن يعتدون علينا». في الأثناء دعا المجمع الفقهي لكبار علماء اهل السنة في العراق العبادي الى محاسبة المتورطين في احداث الأعظمية وتعويض المتضررين، وجاء في بيان للمجمع إن «رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي زار المجمع الفقهي مستنكراً ما جرى في مدينة الأعظمية من اعتداءٍ على جامع الإمام الأعظم وحرق منازل المواطنين ودوائر الوقف السني على يد ثلة مأجورة من المجرمين»، مشيداً في الوقت ذاته ب «وقفة العلماء والوجهاء والقادة الأمنيين لاستيعاب الفتنة وتطويقها»، وأضاف البيان ان «المجمع دعا العبادي الى محاسبة المجرمين ووضع حدٍ لهذه التجاوزات وتعويض المتضررين من هذه الجريمة»، ودعا الى «تشكيل قوة خاصة لحماية مدينة الأعظمية كونها مدينة مقدسة لها خصوصية ليس على مستوى بلد فحسب، بل على مستوى العالم العربي والإسلامي»، موكداً أن «الهدف من هذه الجريمة اثارة الفتنة الطائفية وإفراغ بغداد من اهلها الأصلاء». كما دعا رئيس ديوان الوقف السني محمود الصميدعي الى عقد مؤتمر كبير للمصالحة الوطنية بعد القضاء على «العصابات الإجرامية»، وقال في كلمة متلفزة «اشكر رئيس الوزراء حيدر العبادي لاستجابته السريعة في غلق مدينة الأعظمية وزيارة المجمع الفقهي»، مشيراً إلى أن «هذا ان دل على شيء فإنه يدل على أنه يريد ان يبني بلداً آمناً ونحن ندعمه في هذا الرأي والضرب بيد من حديد لأي عابث من أي طائفة او مكون».