طهران – أ ب، رويترز، أ ف ب، وكالة «مهر» – أعلنت السلطات الإيرانية ان عشرات الآلاف تظاهروا في المدن امس، منددين بالمسؤولين عن الاحتجاجات التي نظمتها المعارضة الأحد الماضي، فيما دعا رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني الى إنزال «العقوبة القصوى» ب«أعداء الثورة» الذين تظاهروا خلال إحياء ذكرى عاشوراء. وأفاد التلفزيون الإيراني بأن عشرات الآلاف شاركوا في تظاهرات «عفوية» في شوارع البلاد، رافعين صوراً للإمام الخميني والمرشد علي خامنئي، كما رددوا هتافات «تطالب بمعاقبة من يقفون وراء احتجاجات الأحد التي شكلت إهانة للدين». وكانت «منظمة الدعاية الإسلامية» التي تنظم التجمعات والتظاهرات الرسمية، دعت الى تجمع شعبي ضخم اليوم في طهران «ضد الذين لا يحترمون قيم عاشوراء». تزامنت التظاهرات مع حملة شنها رجال دين على «المشاغبين»، بينهم نوري همداني ومكارم شيرازي وجعفر سبحاني ومحمد يزدي، فيما اعتبر «مجلس صيانة الدستور» ان «السبيل الوحيد لاقتلاع الفتنة، هو تحديد العناصر المسببة والتصدي الحازم لهم». في الوقت ذاته، اعتبر «الحرس الثوري» ان «الإعلام الأجنبي يشن حرباً نفسية»، مؤكداً ان «محاولة إطاحة النظام لن تسفر عن شيء، وسيدفع مدبرو الاحتجاجات قريباً ثمن وقاحتهم». وأكد «الحرس» في بيان ان «المعارضة التي وحّدت صفوفها مع الإعلام الأجنبي، تلقى دعماً من أعداء أجانب». أما قائد «الباسيج» (متطوعي الحرس) الجنرال محمد رضا نقدي فرأى ان «ما حصل خلال يوم عاشوراء كان سيناريو مخططاً له وفاشلاً للإضرار بصورة الدولة وإضعاف النظام». في غضون ذلك، اعتبر لاريجاني تظاهرات المعارضة خلال مراسم عاشوراء وتشييع رجل الدين المنشق حسين علي منتظري الاسبوع الماضي، «أعمالاً معادية للدين». وقال متوجهاً الى المتظاهرين: «العمل الذي قمتم به يوم عاشوراء يشكل بداية حرب مع الله ووليه، وهذا أمر لن نتسامح معه مطلقاً. وأثبتم ان قضية الانتخابات ليست سوى ذريعة». وأكد في خطاب أمام البرلمان أن «المجلس يطلب من الحكومة والقضاء القبض على منتهكي الحرمات وإنزال العقوبات القصوى في حقهم ومن دون أي تهاون»، لكنه شدد على ان المجلس «يميّز بين الحركات السياسية التي تمثل اليسار في النظام، وأعداء الثورة». ورفض لاريجاني ردود فعل الدول الغربية التي دانت قمع تظاهرات الأحد، معتبراً ان «تصريحات المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والإسرائيليين مقززة، وليس من شأنها سوى ان تدفع النظام الإسلامي الى إبداء مزيد من الشدة». وكان الرئيس الاميركي باراك أوباما أشاد ب «الشجاعة والإيمان اللذين يتحلى بهما الشعب الإيراني». وقال ان «قرار القادة الايرانيين ممارسة الحكم بواسطة الترهيب والطغيان، لن يدوم»، مؤكداً ثقته بأن «التاريخ سيكون الى جانب الذين يطالبون بالعدالة». اما وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي فاعتبر ان «اعمال الشغب التي شهدتها طهران كانت مبرمجة، وتقف وراءها جهات خارجية». وقال ان «المشاركين في أعمال الشغب أعلنوا رفضهم الوصول الى السلطة ديموقراطياً». ووصف تصريحات مسؤولين غربيين حول التظاهرات بأنها «سخيفة وتتحدث عن ملفهم المليء بالعار في تعاملهم المتناقض مع ايران». وأكد «ضلوع» بريطانيا في حوادث يوم عاشوراء، محذراً إياها من أنها «ستتلقى صفعة قوية اذا واصلت تدخلها في الشؤون الداخلية للجمهورية الإسلامية». في غضون ذلك، واصلت السلطات الإيرانية حملتها على المعارضة، واعتقلت 10 أشخاص امس كما أوردت مواقع إصلاحية، بينهم الدكتورة نوشين عبادي شقيقة المحامية شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2003. وقالت شيرين عبادي ان شقيقتها اعتُقلت بعدما اتصلت بها من لندن الاثنين الماضي، مضيفة: «شقيقتي لا تمارس اي نشاطات سياسية، واعتقالها محاولة للضغط لأوقف نشاطاتي في الدفاع عن حقوق الإنسان». وأشارت الى ان وزارة الاستخبارات كانت استدعت شقيقتها مرات عدة خلال الشهرين الماضيين، وطلبت منها «إقناعي بالتخلي عن نشاطاتي في الدفاع عن حقوق الإنسان». وأورد موقع إصلاحي ان السلطات اعتقلت عدداً من الإصلاحيين، بينهم شهبور كاظمي شقيق زوجة قائد المعارضة مير حسين موسوي، والصحافي ما شاء الله شمس الواعظين، ونجل رجل الدين جلال الدين طاهري ومراسل لوكالة الأنباء الطالبية. وأشار موقع «جرس» الإصلاحي الى اعتقال اكثر من 900 شخص في طهران وأصفهان منذ الأحد الماضي، فيما تحدثت السلطات عن 300 فقط. ولا يزال العدد الدقيق للقتلى الذين سقطوا خلال مواجهات الأحد، غير واضح، اذ اشار التلفزيون الرسمي الى مقتل 15، فيما أعلن مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي مقتل 7، لافتاً الى ان التحقيق جار لكشف الأسباب. وأفاد موقع تابع لمهدي كروبي المرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات الرئاسية، الى ان الأخير تعرض لاعتداء لدى خروجه مع عائلته من مسجد شرق طهران الاثنين الماضي. وأكدت فاطمة زوجة كروبي ان النظام «مسؤول عن سلامة عائلتها». ونقل موقع «جرس» عنها قولها: «عائلتي وأنا لا حماية لنا في مواجهة الهجمات الليلية للرعاع».