لاحظ «بنك الكويت الوطني» في تقرير عن اقتصاد قطر، أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي الصادرة أخيراً، «تؤكد قوة هذا الاقتصاد ومتانته»، لافتاً إلى أن معدل النمو في الناتج بالأسعار الجارية وصل إلى 44 في المئة العام الماضي، ليبلغ 372 بليون ريال قطري (ما يعادل 102 بليون دولار)»، مسجلاً «أعلى وتيرة نمو منذ بدء موجة الوفرة النفطية الأخيرة». وتَحقق هذا النمو «مدفوعاً من الاستثمارات الضخمة في قطاعي الغاز والبنية التحتية المنفذة في السنوات الماضية، والتي ساهمت في مساندة القطاعات غير النفطية للبلاد، ما أتاح لقطر التفوق في أدائها على نظرائها في المنطقة». ولم يغفل السياسات الاقتصادية الرشيدة التي «مكّنت الدولة من تحقيق تقدم ملحوظ في اقتصادها»، ورأى أنها «ستساهم أيضاً في تحصين الاقتصاد في شكل كبير، من تداعيات أزمة المال العالمية». وتجاوز النمو في قطاع الطاقة العام الماضي، ذلك المسجل في القطاعات الأخرى، ل «يعكس النمط السائد خلال العامين الماضيين، إذ «تضاعف حجم قطاع الغاز بفضل أسعار الطاقة المرتفعة والزيادة المتواصلة في كميات الإنتاج». وتشير تقديرات إلى أن قطر «تمكنت من زيادة إنتاجها من الغاز بنسبة راوحت بين 35 و40 في المئة، بعدما بدأ إنتاج بعض المشاريع الكبيرة». وأوضح أن قطاع الغاز «بات يتبوأ مركز الصدارة في الاقتصاد القطري بدلاً من قطاع النفط وبحصة بلغت 32 في المئة». ولفت تقرير «بنك الكويت الوطني» إلى أن للبيانات الاقتصادية المحسوبة بالأسعار الجارية، بعض المساوئ، تحديداً حساسيتها الفائقة لتغيرات الأسعار وعدم قدرتها على رسم صورة واضحة للتطورات الاقتصادية». وعلى سبيل المثال، فإن جزءاً كبيراً من النمو المحقق في الناتج المحلي الإجمالي «تحقق نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، لكن انخفاض أسعار الطاقة في الربع الأخير، أدى إلى تراجع قيمة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 23 في المئة عما كان عليه نهاية الربع الثالث من العام ذاته». وتوقع أن «يسجل الاقتصاد القطري نمواً سالباً خلال هذا العام، في حال استمرت الأسعار على ما هي عليه الآن، أي دون متوسطها السائد خلال العام الماضي، أو في أحسن الظروف أن يسجل نمواً طفيفاً». وقدّر التقرير أن «يكون الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، الذي يرصد التغير في كمية الإنتاج مع افتراض استقرار الأسعار، نما نحو 18 في المئة خلال العام الماضي، (البيانات الرسمية لم تصدر حتى الآن)، أي بوتيرة نمو سريعة جداً وفق المعايير كلها». وأشار إلى أن محللين يجمعون على أن الاقتصاد القطري «سيواصل مساره المتميز ليسجل نمواً ملحوظاً يبلغ 9 في المئة خلال هذا العام»، وسيكون من بين «أعلى معدلات النمو في العالم». وأكد أن الزيادة في إنتاج الغاز «ستبقى المساهم الرئيس في نمو الناتج الحقيقي»، لكن رأى أن ذلك «سيعتمد أيضاً على استمرار زخم الإنفاق الحكومي وقدرة قطر على المضي قدماً في تنفيذ المشاريع المخطط لها». وأعلن «بنك الكويت الوطني» في تقريره، أن النمو القوي في قطاع الطاقة «ساند مسيرة التوسع التي شهدتها بقية القطاعات ودعمها، إذ نما القطاع غير النفطي 27 في المئة خلال العام الماضي، و16 في المئة في الربع الأخير من العام ذاته مقارنة بالفترة ذاتها من 2007» . واضطلعت الخدمات الحكومية ب «دور رئيس في ذلك بنموها 57 في المئة على أساس سنوي، وجاءت هذه النتائج منسجمة مع جهود الحكومة القطرية لتنويع مصادر دخلها». وتناول التقرير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ومصرف قطر المركزي لمواجهة تداعيات أزمة المال العالمية على الاقتصاد، وكانت «جوهرية وفاعلة». وتمحورت حول «دعم القطاع المصرفي والحفاظ على مسيرة النمو في الاقتصاد الحقيقي». وعلى رغم الأداء الجيد للاقتصاد القطري في الفترات الصعبة، «يبقى بعض المحاذير المرتبطة بجوانب معينة من هذا الاقتصاد وبيئة الأعمال التي يجب التعامل معها». إذ لا يزال الاقتصاد «يعتمد في الدرجة الأولى على قطاعي النفط والغاز، كما لا تزال جهود التنويع في مصادر الدخل في مراحلها الأولى، ويعتمد تطويرها على إيرادات قطاع الطاقة. ويعوق هذا التطور ارتفاع كلفة الأعمال في قطر التي تأثرت في جانب منها بارتفاع معدل التضخم». وأكد التقرير أن الحكومة «تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال من خلال تطوير البيئة المؤسسية (تحتل قطر المرتبة الأعلى بين دول مجلس التعاون في مؤشر التنافسية العالمي)». وعلى نقيض هذه المحاذير، «تبقى التطلعات إيجابية لمواصلة مسيرة النمو القطري في الأجل المتوسط».