شهد شمال مقدونيا المحاذي لإقليم كوسوفو مواجهات تنذر بتجدد الحرب التي وقعت في البلاد عام 2001 بين القوات النظامية والأقلية الألبانية المسلمة. ولليوم الثاني على التوالي أمس، دارت اشتباكات في منطقة كومانوفو الشمالية التي تقطنها الأقلية الألبانية، بين الشرطة ومسلحين، ما أسفر عن مقتل 14 ارهابياً في صفوفهم، وستة قتلى وعشرات الجرحى من قوى الأمن. وأعلن ناطق باسم وزارة الداخلية انتهاء عملية شنّتها الشرطة، مؤكداً «شلّ إحدى الجماعات الإرهابية الأكثر خطورة في البلقان». وأشار إلى أن بعض القتلى كانوا يرتدون زياً عسكرياً مع شارات ل»جيش تحرير كوسوفو» الألباني المنحلّ الذي قاتل القوات الحكومية الصربية من أجل نيل كوسوفو استقلالها، عامَي 1998 و1999. وعدّد الناطق أسماء خمسة قادة من الأعضاء ال44 في الجماعة المسلحة، جميعهم من كوسوفو، بوصفهم مؤسّسي هياكل شبه عسكرية. وذكر أن المجموعة دخلت مقدونيا في مطلع الشهر الجاري، من أجل شنّ هجمات على مؤسسات رسمية، مشيراً إلى عثور الشرطة على ترسانة ضخمة من الأسلحة في كومانوفو. ووجّهت الشرطة اتهامات تتعلق بالإرهاب، إلى أكثر من 30 عضواً من المجموعة استسلموا لها. وحلّقت مروحيات تابعة لقوات الأمن في أجواء كومانوفو، فيما سُمع دوي إطلاق نار من أسلحة آلية وانفجارات مدوية في المدينة الواقعة على بعد 40 كيلومتراً شمال العاصمة سكوبيا. وأغلقت قوات النخبة وناقلات جند مدرعة وشرطيون يرتدون خوذات وسترات واقية، الحي الذي تقطنه الأقلية الألبانية في المنطقة حيث تحصّن أعضاء المجموعة المسلحة. وارتفعت سحب من دخان أسود، فيما شوهد سكان يفرون حاملين أغراضهم الخاصة. وأكدت وزيرة الداخلية المقدونية غوردانا يانكولوسكا أن 20 فرداً من المجموعة المسلحة سلّموا أنفسهم إلى قوات الأمن السبت، واستدركت قائلة إن المسلحين الآخرين رفضوا الاستسلام وواصلوا القتال. وارتفع عدد قتلى الشرطة إلى ستة أمس، بعد وفاة أحدهم متأثراً بجروح أُصيب بها، علماً أن وسائل إعلام محلية تحدثت عن حصيلة أكبر للقتلى. ودعت السلطات المقدونية المواطنين إلى الهدوء، وأعلنت يوم حداد وطني في البلاد. في المقابل، حضت السلطات في بريشتينا، عاصمة كوسوفو، «كل الأطراف على إيجاد تسوية عبر حوار سياسي». وتفادت التعليق على أنباء عن أن المسلحين انطلقوا من مناطقها. وأعادت المواجهات الأخيرة إلى الأذهان المعارك التي شهدتها كومانوفو عام 2001 خلال تمرد للألبان، خصوصاً أنها أتت بعد استيلاء حوالى 40 مسلحاً ألبانياً أتوا من كوسوفو في 21 نيسان (أبريل) الماضي، على مركز للشرطة على حدود شمال مقدونيا، مطالبين بإقامة دولة ألبانية في البلاد. ويبلغ عدد سكان مقدونيا 2.1 مليون نسمة غالبيتهم من السلاف الأرثوذكس، وربعهم من الألبان المسلمين. وتشهد مقدونيا المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ عشر سنوات، أزمة سياسية خطرة منذ مطلع هذا العام، بين الحكومة والمعارضة من اليسار- الوسط التي تتهم السلطة بالتنصت على 20 ألف شخص بينهم سياسيون وصحافيون وقيادات دينية، إضافة إلى فضائح فساد بملايين اليورو. وأدى الصراع السياسي إلى تقويض عمل المؤسسات الرسمية الضعيفة أساساً، كما أثار قلقاً لدى الاتحاد الأوروبي.