فرضت وزارة المال السعودية على الجهات الحكومية كافة إجراءات موحدة في التحويلات المالية الصادرة منها والواردة إليها، بهدف تعزيز الرقابة المالية، وضمان الشفافية في المصروفات والواردات. وشددت الوزارة في تعميم وزعته على ضرورة تحويل الأموال الحكومية عبر نظام «سريع»، وذلك اعتباراً من السنة المالية المقبلة، مشترطة على الجهات الحكومية تزويد الجهات المتعاملة معها من مقاولين وغيرهم، بنموذج «طلب تحويل مستحقات» إلى الحسابات المصرفية. وأرجع محللون اقتصاديون أسباب هذه الخطوة إلى اشتراطات وضعها المجلس الأعلى للاقتصاد (سابقاً)، لمعرفة مصادر الأموال وآليات صرف الموازنات. وعممت جهات حكومية بدورها على قطاعاتها أوامر وزارة المالية، وتأكيدها إرفاق رقم «آيبان»، وأن يتم الصرف عن طريق النظام السعودي للتحويلات المالية (سريع)، وعدم قبول أي أمر دفع غير مشتمل رقم الحساب المصرفي (آيبان)، اعتباراً من السنة المالية المقبلة. وطلبت الدوائر الحكومية من إداراتها المالية اعتماد نموذج مستحقات «سريع»، والتأكيد على أن «قبول المطالبة وصرف المستحقات (الإعانات) متوقف على إرفاقه، وسيتحمل المتسبب في حال عدم استكمال ما ذكر مسؤولية تأخير صرف الإعانة، علماً أنه يتوجب أن يكون اسم الحساب المصرفي مطابقاً لاسم المنشأة في الرخصة، وإلا لن يتم قبوله». ووصف المحلل الاقتصادي الأكاديمي محمد دليم، نظام «سريع» بأنه بمثابة «حماية ورقابة للأموال، ومعرفة مصدرها، وكيفية توزيعها أي صرفها». وقال ل «الحياة»: «إن جملة متغيرات ظهرت وأنظمة فعّلها المجلس الأعلى للاقتصاد خلال الفترة الماضية، حرصاً على تطبيق الرقابة، ضمن أهداف يسعى اليها المجلس». وأضاف دليم: «المملكة دخلت عصراً جديداً من الازدهار والتنمية ومحاربة الفساد. وهذه خطوة سيكون لها تأثير فعال إذ ستدفع عجلة الإنجاز وتحقيق الأهداف المرسومة وتلبي طموحات الناس»، لافتاً إلى أن عدداً من المحللين الاقتصاديين نادوا خلال العقود الماضية بأهمية «الرقابة وتفعيلها ودور الحوكمة داخل مؤسسات الدولة، فمن خلال نظام «سريع» سيكون هناك أسلوب ديناميكي يتماشى مع المتغيرات وعلى كل المستويات»، مشيراً إلى أن وزارة المالية «تكيّفت مع الوضع القائم، خصوصاً عقب فصلها عن الصناديق والمصارف، فأصبحت قادرة على تنفس الصعداء وتسريع الإجراءات». وذكر أن هذا النظام «يقلّل من الترهّل والفساد الإداري أيضاً، فالمتابعة ستكون من خلاله مكشوفة، فالمدير يستطيع كشف التلاعب، والجميع قادر على معرفة أسباب التأخير ومصدر الأموال فالمسؤولية ستطاول الجميع فلا مجال للإهدار، ولا مجال للتخلي عن المسؤولية المهنية». وقالت المتخصصة في الشؤون المالية نجاح إبراهيم ل «الحياة»: «إن الأنظمة الديناميكية تكشف مصادر الأموال والتلاعب الذي قد يحدث في الدوائر الحكومية، علماً أن النظام ليس جديداً أو وليد اللحظة، وإنما لم يفعّل في عدد من المنشآت، خصوصاً الحكومية»، لافتة إلى أنه «وسيلة للكشف عن التعثر والمماطلة، والتخلي عن المسؤولية، والرقابة المالية».