عاد النقاش حول شغب الملاعب الرياضية إلى قبة البرلمان المغربية بعد تنظيم مجموعة من حملات التوعية في المؤسسات التعليمية وتنظيم مناظرة دولية بمشاركة خبراء عالميين في مجال الأمن الرياضي. وتنامت الظاهرة في شكل حاد في المغرب منذ 2005 وبداية تشكل «الألتراس» كتنظيمات جماهيرية من جمهور الملاعب ما دفع المشترع المغربي إلى التفكير في سنّ قوانين ردع للظاهرة. وعاشت كرة القدم الوطنية، خلال هذا الموسم، على إيقاع أحداث شغب خطيرة، اجتاحت الملاعب وتسببت بخسائر في الأرواح والممتلكات. وقال وزير الداخلية محمد حصاد أخيراً في الرباط أنه تم منذ بداية السنة الجارية تسجيل أعمال شغب في 17 مباراة لكرة القدم، نصفها احتضنته مدينة الدار البيضاء. وأضاف في معرض رده على سؤال عن النقاش الدائر في مجلس النواب حول قضية شغب الملاعب، أنه جرى خلال هذه المباريات توقيف ستة آلاف شخص، أحيل عدد منهم على القضاء، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق غالباً بقاصرين يتابعون دراستهم ما يصعب مهمة القضاء في التعامل مع ملفاتهم. وأكد أن المعالجة الأمنية وحدها لا يمكن أن تضع حداً للظاهرة، داعياً الفرق وروابط المشجعين إلى المساعدة في منع المشاغبين من دخول الملاعب وإلى تشاور حول هذه الظاهرة يشمل الفرق وجمعيات المشجعين والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (اتحاد اللعبة). وكان الوزير حصاد آنذاك هدد بحل مجموعات «الإلتراس» المناصرة لفرقها في الدوري المغربي للمحترفين، إذا ما ثبت تورطها في أحداث العنف التي تحصل خلال المباريات. وجاء ذلك الإنذار الذي أعلن عنه حصاد للمرة الأولى أمام مجلس النواب، بعد أن خرج «الشغب في الملاعب» عن السيطرة، وتحولت المباريات إلى مسارح «حروب» أسقطت ضحايا، بالإضافة إلى أحداث مأسوية أخرى، ما زالت راسخة في ذاكرة الجمهور الرياضي. في المقابل، يرى المشجع بدر الإدريسي أن وصف مجموعة «الالتراس» بالعنيفة وتحميلها المسؤولية عن الشغب في الملاعب هو مجرد إشاعة مغرضة، لافتاً إلى أن «مجموعات «الألتراس» نجحت في استقطاب آلاف الشباب في وقت قياسي عكس الأحزاب السياسية التي لم تستطع أن تجذبهم إليها. ويرى الإدريسي أن البعض اختار أن يخترق هذه المجموعات المساندة بهدف التبجح بنجاحاتها واستعمالها كورقة انتخابية وهو ما يتنافى مع مبدأ «الألتراس» المتمثل في الابتعاد عن تبني أي تيار سياسي. ودعت فاعليات رياضية «الالتراس» المساندة للفرق المغربية، إلى العمل في شكل جيد على تأطير الجماهير الرياضية التي تحل أسبوعياً لمتابعة مباريات فرقها، من أجل تفادي حدوث أعمال الشغب بالملاعب الوطنية، والمساهمة في تحسين سمعة النشاط الكروي المغربي، مشيرين إلى أن الجماهير هي من «يؤثث الملاعب الرياضية، ويعطيها رونقاً وجمالية، ويحمس اللاعبين على العطاء أكثر». ويرى باحثون في علم الاجتماع أن العنف الذي يجنح المشجعون الرياضيون من الشباب والمراهقين إلى ارتكابه، ما هو إلا نتيجة للعنف المسلط عليهم تهميشاً وإقصاءً من جانب مالكي وسائل الإنتاج والإكراه، وهذا ما يتضح من خلال تأمل انحداراتهم الاجتماعية، وأوضاعهم الاجتماعية- الاقتصادية. فهو بمثابة حركة جماهيرية عفوية لا تتردد في اللجوء إلى العنف، محدودة في الزمان والمكان، توجبها عوامل وشروط موضوعية، وتدل على اختلال عميق في النسق المجتمعي. فغالبية ممارسي الشغب تتراوح أعمارهم ما بين 16 و22 سنة، وينحدرون بنسب عالية من أحياء الصفيح ومناطق السكن العشوائي التي أخطأتها مشاريع التنمية، كما أنهم ينتمون إلى أسر فقيرة تعوزها إمكانات العيش الكريم، وهم فضلاً عن ذلك انقطعوا مبكراً عن الدراسة ولا يعملون إلا في شكل موقت في مستوى الأعمال الحرفية، أو لا يعملون مطلقاً. ويرصد ناشطون حقوقيون ثغرات القانون رقم 09.09 المتعلق بتجريم العنف داخل الملاعب الرياضية، فبعد مرور 4 سنوات على الشروع في تطبيق بنود القانون، تبين أن القانون والمقاربة الأمنية لا يكفيان للحد من ظاهرة الشغب. ومن بين أهم الانتقادات التي وجهت إلى القانون «عدم التفريق بين القاصرين وغيرهم من المشجعين البالغين»، بالإضافة إلى تسجيل ثغرات على مستوى الإثبات ووسائله.