قررت الجزائر منح المؤسسات المحلية أولوية في تنفيذ المشاريع المقررة في خطة التنمية الخمسية (2010 – 2014). وأوضح وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية مصطفى بن بادة أمس، أن الأولوية تشمل أيضاً الصفقات العامة. وأظهرت إحصاءات رسمية أن الجزائر تخطت الهدف الذي حددته في المجال الاقتصادي والمتمثل بالوصول إلى 100 ألف مؤسسة مع نهاية 2009 وأنها بلغت حالياً 120 ألف مؤسسة. ويذكر ان الحكومة لجأت إلى شركات أجنبية في شكل مكثف خلال السنوات الأخيرة لشقّ طرق وتحديث البنية الأساسية في أوقات قياسية، ما حمل الحكومة على مضاعفة الموازنة المُخصصة للبنية التحتية من 100 مليون دولار إلى 200 مليون. وفيما ركزت خطة التنمية الخمسية السابقة على شبكات النقل والطرقات والموانئ والمطارات، ستُركز الخطة المقبلة على إنشاء المزيد من المؤسسات المحلية وتنويع النسيج الاقتصادي. واعتبر بن بادة أن على المؤسسات الجزائرية «استعادة حصص السوق التي أضاعتها بسبب الانفتاح المفرط»، ما شكّل مؤشراً على احتمال لجم الخيار الليبرالي الذي سارت عليه الحكومات الجزائرية حتى اليوم. وفي هذا السياق، وضعت الحكومة خطة لإعادة تأهيل المؤسسات الاقتصادية المحلية شملت 20 ألف مؤسسة باستثمارات إجمالية قُدرت ب160 بليون دينار (2.2 بليون دولار)، ما يعني تخصيص 130 مليون دينار (180 ألف دولار) في المتوسط لكل مؤسسة. وكشفت إحصاءات أن 27 ألف مؤسسة جديدة أنشئت في السنة الماضية في مقابل 35 ألفاً متوقعة هذه السنة. وقُدرت نسبة المؤسسات الجديدة التي أخفقت واندثرت بأكثر من 12 في المئة من العدد الإجمالي. غير أن الدولة ما زالت هي التي تقود عملية تنمية القطاع الخاص الذي استفاد بعض عناصره من التسهيلات الحكومية لإنشاء مؤسسات تعمل في قطاع الخدمات، بخاصة النقل والإنشاءات. وتسعى الجزائر إلى التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصادها، بعدما تراجعت إيرادات تصدير النفط خلال الأشهر ال 11 الأولى من السنة الجارية إلى 39.5 بليون دولار، في مقابل أكثر من 72 بليوناً في الفترة ذاتها من العام الماضي، ما يعني تراجعاً نسبته 45 في المئة. وانعكس تراجع الإيرادات في الميزان التجاري الذي انهار من 36 بليون دولار في المدة ذاتها، إلى 4 بلايين فقط في الفترة المقابلة من السنة الجارية. ورأى محللون أن الاقتصاد المحلي استطاع أن يصمد أمام الأزمة العالمية أفضل من صموده أمام الأزمة المماثلة في 1985 – 1986، إذ لم يتجاوز الاحتياط من العملات 2 بليون دولار في 1986 في مقابل 146 بليوناً دولار حالياً، أي ما يكفي لتغطية الواردات خمس سنوات. وتراجع حجم الدين الخارجي إلى 4.9 بليون دولار، أي 4 في المئة من الناتج، ما يضع الجزائر خارج أخطار العجز عن سداد الديون، التي عانت منها عام 1986. وانتقد نائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي (هيئة استشارية) مصطفى مكيدش، بقاء الاقتصاد مبنياً على تصدير المحروقات التي ما زالت تؤمّن أكثر من 97 في المئة من إيرادات الصادرات ونحو 47 في المئة من الناتج. وحض مكيدش في تقرير جديد، على تعزيز القطاعات غير النفطية وتحسين مناخ الأعمال وتعميق الإصلاحات الاقتصادية لامتصاص البطالة ومكافحة الفقر. وتراجع موقع الجزائر في التقرير السنوي «دوينغ بيزنس» الذي يصدره سنوياً البنك الدولي، سبع درجات لتحل في المرتبة 132، بسبب صعوبة حصول الصناعيين على قروض من المصارف وتعقيد الإجراءات اللازمة لإنشاء مؤسسات اقتصادية جديدة. لهذه الأسباب يُبدي رجال أعمال مخاوفهم من أن يبقى نمو القطاع الصناعي المحلي غير مكتمل نتيجة المعوقات البنيوية وضعف الشفافية والحوكمة.