فاز الروائي التونسي شكري المبخوت بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الثامنة عن روايته «الطلياني». وكشف رئيس لجنة التحكيم مريد البرغوثي عن اسم الفائز بالجائزة في حفلة أقيمت مساء أمس (الأربعاء). ويحصل الفائز بالجائزة على مبلغ نقدي قيمته 50,000 دولار أميركي، إضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنكليزية، إلى جانب تحقيق مبيعات أعلى للرواية والحصول على تقدير عالمي. ورواية «الطلياني»، التي تدور أحداثها في تونس، هي قصة عبدالناصر، بطلها ملقب بالطلياني بسبب وسامته. إلا أن الرواية ليست فقط قصة عبدالناصر، إذ يستخدم الروائي تاريخ بطله في النضال السياسي ومغامراته العاطفية كخلفية لتأمل تاريخ تونس الحديث بكل تعقيداته، خصوصاً فترة الانقلاب الذي قام به زين العابدين بن علي على نظام الحبيب بورقيبه في أواخر الثمانينات من القرن الماضي. وصرّح شكري المبخوت في حوار أُجري معه أخيراً بأن فكرة الرواية جاءته من أحداث ثورات الربيع العربي «بعد سنتين من الثورة تقريباً، استعدت مرحلة قريبة من تاريخ تونس شبيهة بمخاوفها وتقلّباتها وصراعاتها بما كنت أشاهد وأعايش؛ إنّها فترة الانتقال من عهد الزعيم بورقيبة إلى عهد الرئيس بن عليّ إثر انقلاب 1987». وُلد شكري المبخوت في تونس سنة 1962، حيث يقيم، ويشغل منصب رئيس جامعة منّوبة. وعلى رغم أن «الطلياني» هي رواية المبخوت الأولى، إلا أنه أكاديمي وناقد معروف وله الكثير من الكتابات في النقد الأدبي. وفازت رواية «الطلياني» باعتبارها أفضل عمل روائي نُشر خلال ال12 شهراً الماضية، وجرى اختيارها من بين 180 رواية مرشحة تتوزع على 15 بلداً عربياً. وعلّق مريد البرغوثي نيابة عن لجنة التحكيم على الرواية الفائزة بقوله: «بداية شكري المبخوت كصاحب رواية أولى مدهشة كبداية روايته ذاتها. مشهد افتتاحي يثير الحيرة والفضول، يسلمك عبر إضاءة تدريجية ماكرة وممتعة إلى كشف التاريخ المضطرب لأبطاله ولحقبة من تاريخ تونس. شخصية عبدالناصر بطل الرواية مركبة وغنية ومتعددة الأعماق، حتى الشخصيات الثانوية منها، مقنعة في ما تقول أو تفعل، وفي ما ترفض أو تقول، لكن شخصية زينة تظل إنجازاً فنياً فريداً تمتزج فيها الثقة والارتباك والشراسة والشغف والتماسك والانهيار، وبهذا حظينا بشخصية لا نمطية لأنها مكتوبة أثناء عملية الكتابة لا قبلها. رحلة في عوالم الجسد والبلد، الرغبة والمؤسسة، والانتهاك والانتهازية وتناول بارع لارتباك العالم الصغير للأفراد والعالم الكبير للبلاد. وفي كشفها الغطاء عن ملامح مجتمعها التونسي تباغت الرواية معظم القراء العرب بما يجسد ملامح مجتمعاتنا أيضاً. «الطلياني» عمل فني يضيف للمنجز الروائي التونسي والعربي ويتعلق به القارئ منذ سطره الأول حتى سطره الأخير». وعلق أستاذ كرسي الدراسات العربية بجامعة كمبريدج رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية ياسر سليمان بقوله: «من مشهدها الافتتاحي إلى نهايتها تشدك رواية «الطلياني» لشكري المبخوت بحبكاتها المتداخلة وشخوصها المتنامية التي تتفاوض مع واقعها بانضباطية هلامية لا تتنكر لماضيها ولا تلتزم به كل الالتزام. في الرواية محطات كثيرة جاذبة ومدهشة في ذبذباتها وتصويرها لمرحلة مهمة من تاريخ تونس في القرن ال20. شكري المبخوت سارد متمكن من صنعة الكتابة الروائية، يكتب بإيقاع لغوي أخاذ، يطوع فيه العربية الفصيحة فيجعلها تعج بالحياة بكل أشكالها، لا يستعصي عليها شيء. الشكر لشكري المبخوت على ما قدمه للرواية العربية، فاللغة العربية تنساب بطواعية عذبة على صفحات الطلياني». تدعم الجائزة «مؤسسة جائزة بوكر» في لندن، وتموّلها «هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة» في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة.