يختار البريطانيون الخميس المقبل في السابع من أيار (مايو)، من يعتقدون أنه الأفضل لحكم البلاد حتى نهاية العقد، إذا استطاع أحد الأحزاب عقد تحالف مع حزب أو مجموعة أحزاب لتشكيل حكومة ائتلافية أو حتى حكومة أقلية مستقرة، بعدما أظهرت استطلاعات الرأي أن أياً من الحزبين الرئيسيين، (المحافظون والعمال)، لن يستطيع الحصول على غالبية كافية ليشكّل الحكومة وحيداً، وأن مقاعد مجلس العموم المقبل (650) ستتوزع على مختلف الأحزاب، وفي طليعتها حزب المحافظين ثم العمال، والحزب الوطني الاسكتلندي المنادي بالاستقلال الذي سيصبح الحزب الثالث من حيث عدد النواب، متفوقاً على الحزب الليبرالي الديموقراطي المشارك حالياً في الحكومة الائتلافية، أو حزب «الاستقلال البريطاني» (يوكيب) العنصري بزعامة نايجل فاراج. وكان استطلاع أخير أظهر أن المحافظين سيحصلون على 34 في المئة من الأصوات، مقابل 33 في المئة للعمال، و13 في المئة لحزب الاستقلال (من دون أن تترجم شعبيته بعدد ملموس من المقاعد)، و8 في المئة للحزب الليبرالي الديموقراطي الذي قد يخسر حوالى 25 نائباً، في حين سيخسر العمال غالبية مقاعدهم في اسكتلندا التي سيحصدها الحزب الوطني الاسكتلندي، الذي سعى الى استقلال اسكتلندا في استفتاء العام الماضي، ليتجاوز عدد نوابه الخمسين. وكانت الحملة الانتخابية التي بدأت مطلع نيسان (أبريل) الماضي، شهدت مناظرات تلفزيونية ومهرجانات و أسئلة وإجابات شارك فيها جميعاً المواطنون من مختلف الاتجاهات، وحاول فيها زعماء الأحزاب إبراز محاسن برامجهم الانتخابية وما يمكن أن يقدّموه من خدمات للمواطن البريطاني وحتى للمقيم على السواء. وشاركت غالبية من الزعماء في إدانة نايجل فاراج الذي هاجم المقيمين الأجانب العاملين في بريطانيا، حتى أن زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي نيكولا ستيرجون، اتهمته بالجهل والعنصرية لأنه لا يعرف قيمة ما يقدّمه الأجانب من إضافات إلى الاقتصاد البريطاني. ومع أن بريطانيا انشغلت صباح أمس، بولادة أميرة جديدة ابنة للأمير وليم وزوجته كايت التي ستحتل المرتبة الخامسة في الترتيب الملكي، الا أن الحملة الانتخابية استمرت في عطلة نهاية الأسبوع لمدة ثلاثة أيام، وسط قلق على سعر صرف الجنيه الاسترليني الذي بدأ يتراجع مقابل اليورو والدولار بسبب عدم اليقين بأن الانتخابات ستؤدي إلى تشكيل حكومة مستقرة، وبسبب بدء هجرة الأموال إلى عملات آمنة. وتحدثت صحيفة «فايننشال تايمز» أمس، عن سحب ما يصل إلى 500 مليون جنيه مستثمرة بالاسترليني منذ بدء الحملة الانتخابية، وأن السحوبات مرشّحة للزيادة ما لم يتم تشكيل حكومة مستقرة. وتوقع أنغوس كامبل محلل سوق العملات في «سي أم سي»، أن «تتواصل السحوبات خلال الأيام المقبلة وحتى يتكوّن شكل الحكومة المقبلة وما إذا كانت ستؤمن استقراراً. ومن بين ما يزيد الضغوط على الاسترليني الذي تراجع نهاية الاسبوع إلى 1.51 دولار و1.35 يورو، أن تقدم حزب المحافظين سيعني فترة عدم يقين إضافية، بسبب وعد زعيمه بإجراء استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، في حين أن تقدّم حزب العمال أو فوزه سيعني فرض ضرائب إضافية على أصحاب رؤوس الأموال الذين يستفيدون حالياً من وضع يسمى «غير مقيم»، ويدفعون ضرائب بسيطة مقارنة مع استثماراتهم الضخمة في الاسترليني، إضافة إلى عزم حزب العمال فرض ضريبة إضافية على أصحاب العقارات التي تتجاوز قيمة كلّ منها مليوني استرليني، وقد تبدأ الضريبة بنحو 17 ألف استرليني سنوياً على المنزل، ما يعني أن الأثرياء العرب في لندن سيضطرون إلى تمويل جزء من هذه الضريبة. القضايا العربية غابت طبعاً عن برامج الأحزاب البريطانية، ما عدا الحديث عن الإرهاب وانعكاسه على أمن بريطانيا والاتحاد الأوروبي. والأحزاب البريطانية متّفقة جميعاً على مساندة أمن اسرائيل، لكنها لا تزال ترفض الاعتراف بالقدس عاصمة لها، وعلى اجتذاب الاستثمارات العربية إلى بريطانيا وبيع العرب الأسلحة المطلوبة، وعلى منع إيران من الحصول على قنبلة نووية، على رغم أنها ترى أن الأسواق الإيرانية واعدة جداً إذا تم التوصل إلى الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة الست.