دخلت السعودية الحديثة أمس، عهداً جديداً في ترتيب بيتها الداخلي وضمان استقرار الحكم في البلاد، وسط منطقة تموج بالتغيرات والأزمات المتلاحقة، ولم تغفل الحكومة السعودية على رغم إدارتها لتحالف ضم 10 دول للملف العسكري في اليمن، عن إدارة شؤونها الداخلية بعد مضي نحو ثلاثة أشهر على تحديث الحكومة. ونجحت الحكومة خلال نحو 100 يوم من تشكيلها، بتحقيق إنجازات واسعة في تسجيلها الإنجازات الأمنية المتواصلة، وأبدت أكثر اهتماماً وحزماً في ملفات السكن والصحة والتعليم، وعلى الصعيد السياسي نجحت في تجنيب اليمن خطر اكتمال الانقلاب الحوثي المتحالف مع إيران، بعد قيادة الرياض تحالفاً عربياً ضم 10 دول لحماية الشرعية اليمنية الممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي ل«الحياة» أمس إن «القرارات التي اتخذها الملك سلمان، جاءت لتؤكد نظرته الثاقبة في استشراف المستقبل البعيد، ومراعاة الاستحقاق للمرحلة المقبلة، وتأتي في ظل تغيرات تمر بها المنطقة إقليمياً ودولياً وداخلياً». وأكد الحارثي أن هذه القرارات «داعمة لاستقرار سلم الحكم في المملكة، الدولة المحورية في المنطقة، وجاءت لتعزيز وحدة وتماسك البلاد المجتمعي»، مضيفاً: «التعيينات أغلقت باب التخمينات بطريقة دستورية عصرية، وأكدت أن مؤسسة الحكم في السعودية ثابتة وراسخة، كما عززت صناعة إدارة الحكم في البلاد، والأكيد أن المملكة ماضية في مشروعها الإصلاحي والتنموي، وستكون الرهانات على نجاح هذه الخطوات التي قام فيها الملك سلمان، وخطوات إصلاحية شاملة بوجود ولي العهد وولي ولي العهد». ولفت إلى أن المتغيرات حول المملكة «دفعت لاتخاذ هذه التغييرات والقرارات السياسية وهي قرارات مهمة»، مشيراً إلى أن المملكة ستبقى «دولة محورية في المنطقة». من جهته، قال عضو مجلس الشورى عبدالله العسكر، أن طلب الأمير مقرن بن عبدالعزيز اعفائه من منصبه، أعطى دلالة بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - سيكون آخر ملوك المملكة من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز، وأن عهد الأجيال من أحفاد الملك عبدالعزيز بدأ. وأضاف العسكر ل«الحياة» أمس، «الملك سلمان أطلق بداية في قراراته أمس، لتولي الجيل الثاني من الأسرة الحاكمة العهد الجديد، وهي بداية جيدة وجاءت في وقتها المناسب»، مؤكداً أن «اختيار الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، والأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد، كان اختياراً موفقاً، وجاءت من الملك سلمان هذه الخطوة لضخ دماء جديدة في الحكم، وتدويراً في المناصب الحساسة، وهذا يؤكد أن الملك سلمان لديه ثقافة ونظرة بعيدة، وسيعطي للحكومة السعودية نشاطاً جديداً، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة». وأشار العسكر إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن نايف، «معروف منذ عقود وهو عرّاب الأمن السعودي، وشهدت الساحة الأمنية في عهده نجاحات كبيرة أشاد بها السعوديون وغيرهم، وأمضى كثيراً من عمره في العمل الأمني، وله إنجازات معهود في مكافحة تنظيم «القاعدة» و«داعش»، وهو الرجل المناسب في المنصب الثاني لإدارة هذه الدولة، والأمير محمد بن سلمان تبين في سن مبكرة، وبعد توليه منصب وزير الدفاع، وإدارته بكفاءة عالية لعاصفة الحزم لإنقاذ الشرعية في اليمن». وأكد العسكر أن السفير عادل الجبير بتعيينه وزيراً للخارجية «يعتبر أول مواطن يتسلم هذه الوزارة السيادية، والمعروف سابقاً بأن هذه الحقيبة مقصورة على أبناء الملك عبدالعزيز وأحفاده، وبهذه الخطوة أراد خادم الحرمين أن يكسر القاعدة السابقة، ويزج بمواطن أثبت قدرته وجدارته في السياسة الخارجية، وبهذه الخطوة تم تجديد السياسة السعودية». وامتدح عضو مجلس الشورى، عهد الأمير سعود الفيصل في إدارة وزارة الخارجية في المملكة، وقال: «سيظل سعود الفيصل أيقونة السياسة في المملكة، وقريباً من هذا الملف بعد تخليه عن الوزارة، وبعد أن أدارها نحو40 عاماً، وشهدت الأوضاع السياسية تطورات متشابكة ومعقدة، كان فيها شجاعاً وليناً في نفس الوقت، ولذلك رأى الملك أنه لا يستغني عنه في منصب الشؤون الخارجية، ونحن مطمئنون لهذه التغييرت والتطورات في المملكة التي لن تتخلى عن ثوابتها السياسية الخارجية».