قبل فترة وجيزة استضافت مدينة «سينداي» اليابانيّة، أعمال «القِمّة العالميّة الثالثة للحدّ من أخطار الكوارث»، وهي من القمم العالميّة المخصّصة للشأن البيئي، مع ملاحظة أن العام الجاري يختتم على انعقاد «قمة المناخ» في باريس. وتقع مدينة «سينداي» في منطقة «توهوكو» شمال شرقي اليابان. ويعني اسمها باليابانيّة «مائدة مقدّسة لشخص واحد». ويطلق عليها اسم «مدينة الأشجار» نظراً الى طبيعتها الخلابة. وفي الربيع، ترفع المدينة زينة ملوّنة مخصّصة لتنوّع الفصول الأربعة، تعلّق على الأشجار والنباتات وأعواد ال «مامبو». ورفعت تلك القِمّة شعار «الاستدامة تبدأ من سينداي»، في إشارة إلى أن المدينة وأهلها نجحوا في تحويل الألم أملاً. فبعد أن دمرت أجزاء كبيرة منها في «تسونامي» العام 2011 وزلزاله، انخرطت اليابان في خطة متكاملة لإعادة بناء المساكن بطريقة علميّة، كي تحتمل الكوارث. وينطبق ذلك على الطرق والبنية التحتيّة وإمدادات الغاز والكهرباء، إضافة إلى إنشاء نظام متكامل للعمل أثناء الكوارث بالتنسيق مع مدن مجاورة، والتدريب وبناء القدرات في مجال التأهيل النفسي والمعنوي والاجتماعي وغيرها. في ذلك الصدد، أشارت أميكو أوكوياما، عمدة مدينة «سينداي»، إلى أن أحد أبرز الدروس المستفادة من كارثة 2011 يتمثّل في الاستعداد الجيد، وحماية مصادر الطاقة، وتوعية المجتمعات المحليّة، ومشاركة الجمهور الواسع في التخطيط والتنفيذ. وعلى هامش القِمّة، أتيحت ل «الحياة» فرصة زيارة إحدى المدارس التي ضربها ال «تسونامي» في «سينداي» حتى وصلت المياه إلى الطابق الرابع الأخير فيها. وحينها، فرّ المعلمون مصطحبين الأطفال إلى السطح لإجلائهم. وصارت المدرسة شاهداً على ما حدث، عبر صور الطلاب وذكرياتهم. وكذلك خُطّت كلماتهم المؤثرة على الجدران: «لن أنساك مدرستي»، و «هنا قضيتُ أجمل أوقاتي»، و «أين أصدقائي»؟ وغيرها. وصمدت تلك المدينة الجميلة، بل أعادت بناء المناطق المدمّرة وأمدّتها بشبكة جديدة للطرق. وجرت زيارة مماثلة لإحدى المناطق الصناعيّة التي شيّدت برجاً حديديّاً مبتكراً بارتفاع طبقات عدّة، مجهزاً بمعدات للإجلاء عند حدوث الكوارث. وفي الإطار نفسه، أنشأت اليابان وزارة لإدارة الأخطار تترأسها السيدة إيريكو ياماتاني التي ترأست تلك القِمّة ذاتها. وتقدّم اليابان مساعدات ماديّة وفنيّة كبيرة للدول النامية بهدف مساعدتها في مجابهة الكوارث. وفي الآونة الأخيرة، أنشأت «هيئة المعونة الفنيّة اليابانيّة» (تعرف باسمها المختصر «جايكا») قطاعاً لحماية الطبيعة ونظم البيئة فيها، استناداً إلى الوعي بالعلاقة بين البيئة من جهة، والحدّ من أخطار الكوارث من الجهة الثانية. وتنشغل اليابان حاضراً بتبني مشاريع بيئيّة كثيرة، تشمل تطوير حماية الشواطئ لمجابهة الكوارث عبر إعادة زراعة أشجار ال «مانغروف»، وتأهيل الأراضي المتاخمة للأنهار، وكذلك زراعة الغابات لمقاومة العواصف وتخزين مياه السيول والفيضانات.