تباينت الأرقام الإحصائية للمشاريع المتعثرة التي تعمل عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية، في كل من تقرير هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» وتقرير وزارة الشؤون البلدية والقروية، إذ بلغت نسبة التعثر في ملفات «نزاهة» 44 في المئة، وأشارت «الشؤون البلدية» إلى أنها بلغت 33 في المئة، فيما أفاد تقرير «نزاهة» بأن عدد المشاريع التي تمت متابعتها منذ إنشائها 1526 مشروعاً بلغت نسبة المتعثر والمتأخر منها 672 مشروعاً. وعزا نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لحماية النزاهة الدكتور عبدالله العبدالقادر ل«الحياة»، سبب التباين الإحصائي بين الجهتين إلى اختلاف الفترتين الزمنيتين في القيام بالرصد، مشدّداً على ضرورة العمل على علاج مشكلة تعثّر المشاريع في أسرع وقت، سواء المذكورة في تقرير «نزاهة»، أم تقرير الشؤون البلدية والقروية. فيما وصف وزير الشؤون البلدية والقروية المهندس عبداللطيف آل الشيخ تعثر المشاريع الحكومية الإنشائية ب«الظاهرة» التي يجب إيجاد الحلول المناسبة لوقف تمددها، مقترحاً التنسيق بين وزارته والهيئة العامة للاستثمار، حتى يتم تسهيل منح التراخيص لشركات المقاولات الأجنبية لدعم قطاع المقاولات المحلي، وافتتاح مكاتب هندسة استشارية، لرفع مستوى الوعي الهندسي في البناء والتشييد وفتح الآفاق للحد من ظاهرة التعثر. وأوضح المشاركون في الندوة التي نظمتها هيئة مكافحة الفساد بعنوان: «تعثّر المشاريع الحكومية.. التشخيص، ومحاولة إيجاد الحلول» في الرياض أمس، بمشاركة وزارة الشؤون البلدية والقروية، أن غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية أثناء مرحلة الدراسات والتصميم، وعدم الاعتناء بإعداد وثائق المشاريع قبل طرحها للمنافسة، تأتي من أبرز الأسباب المؤدية إلى تعثّر المشاريع، إضافة إلى القصور في دراسة طبيعة المشروع من حيث الموقع ومتطلبات التنفيذ، وعدم الاهتمام باستخراج التراخيص وتقارير التربة، وعدم وضوح المتطلبات اللازمة لمن يتقدم للمنافسة. واعتبروا أن قصر المدة الزمنية لتقدير وتسعير قيمة المشروع من المتنافسين، والتركيز على التحليل المالي للعطاءات من دون النظر للتحليل الفني، تعدّ من بين الأسباب، مرجعين ذلك إلى كونها تتسبّب في الترسية على صاحب العطاء الأقل، من دون مراعاة لإمكاناته الفنية، إضافة إلى ترسية المشاريع على مقاولين لديهم مشاريع أخرى متعثرة تفوق إمكاناتهم المالية والفنية، واستخدام نفس كراسة الشروط والمواصفات لأكثر من مشروع على رغم الاختلافات بينها. وأضاف المتحدثون خلال الجلسة: «التعثّر يتسبب في تأخر المشاريع التنموية الوطنية، ولا بد من وضع الحلول العاجلة واللازمة له، كما يجب العمل على علاج ضعف كفاءة جهاز الإشراف الفني التابع لبعض الجهات الحكومية، وعدم مشاركة فروع الجهات الحكومية في المتابعة والإشراف، وضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشاريع، وكذلك عدم وجود مكتب لإدارة المشروع (PMO)، وضعف التنسيق بين الجهات الخدمية التي لها علاقة بمواقع وأعمال المشاريع. وكثرة أوامر التغيير خلال عملية سير المشروع، وعدم تطبيق الأجهزة الحكومية إجراءات سحب المشروع من المقاول». رئيس «نزاهة»: واقع بعض المشاريع لا يتناسب مع طموح المواطن أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة (نزاهة) الدكتور خالد المحيسن، أن هناك عدداً من المشاريع التي تستهدف قطاعات عدة، لا تعكس مستوى طموح القيادة والمواطن، على رغم المبالغ المنفقة عليها، لافتاً إلى أن قطاع المقاولات والإنشاءات في المملكة بحاجة إلى إعادة هيكلة بما يتناسب مع حجم المشاريع الحالية والمستقبلية. وشدّد المحسين خلال الندوة على ضرورة العمل على الدراسات والأبحاث التي تستهدف إعادة هيكلة قطاع المقاولات، معتبراً أن اندماج شركات المقاولات القائمة والعمل على إنشاء شركات مساهمة يشارك فيها المواطنون، تعدّ من بين الحلول التي يمكن توظفيها، والتي تهدف إلى النهوض بالمشاريع والحد من المشكلات التي تواجهه. وقال: «حرصت الدولة على بذل الجهد لتقديم أفضل الخدمات الأساسية للمواطن والمقيم، وذلك من خلال ما يتم رصده سنوياً في موازنة الدولة للمشاريع التنموية والخدمية، فهي تخطو في كل يوم خطوة جديدة في تحقيق التنمية الشاملة بعزم ومثابرة، ففي كل منطقة من مناطق المملكة مشاريع يجري العمل على تنفيذها في مجالات التعليم والصحة والمياه والطاقة والنقل والخدمات البلدية وغيرها من الخدمات الأخرى، التي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، والعيش الكريم للمواطن والمقيم على أرض المملكة، ولكن على رغم المبالغ الطائلة للإنفاق الحكومي على المشاريع، فإن واقع بعض هذه المشاريع لا يعكس مستوى طموح القيادة والمواطن».