للمرة الأولى تكشف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن أعداد المشاريع التي تقصت واقعها على الأرض، نتيجة وجود شبهات فساد حولها. وأعلن رئيسها الدكتور عبدالمحسن المحيسن في تجمع حكومي أن فرق الرقابة التابعة للهيئة وقفت على 1526 مشروعا تنفذها جهات حكومية، مبينا أن نسبة المتعثرة منها تصل إلى 44% بواقع 672 مشروعا. وفيما واجه المحيسن مؤسسات القطاعين العام والخاص خلال التجمع ب16 ملاحظة رصدتها نزاهة خلال تقصيها مشاريع حامت حولها شبهات فساد ومحسوبيات، استبعد وزير الشؤون البلدية والقروية المهندس عبداللطيف آل الشيخ وجود أي شبهات فساد في وزارته، مؤكدا أن الوزارة تطبق التشريعات الخاصة بالنزاهة والمراقبة، وتنفذ العقود وما تحويه من شروط بين الجهات الحكومية والمقاول باحترافية كاملة. إلا أن دفاع آل الشيخ عن وزارته لم يحل دون وصفه تعثر المشاريع في المملكة ب"الظاهرة"، مشددا على وجود خلل في التنفيذ، خصوصا المشاريع الحكومية، وهو ما يحتاج إلى تنسيق وتكامل بين الإدارات والجهات المعنية بتنفيذ هذه المشاريع للقضاء على التعثرات، على حد قوله. واجهت هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص ب"16 ملاحظة"، عدتها من الأسباب الرئيسة لتعثر المشاريع الحكومية وتأخرها، من أهمها ضعف كفاءة جهاز الإشراف الفني التابع للجهات الحكومية، وغياب التخطيط، والترسية على صاحب العطاء الأقل نتيجة التركيز على التحليل المالي للمشروع، وتجاهل التحليل الفني، إضافة إلى التعاقد مع مقاولين من الباطن، وعدم تطبيق الأجهزة الحكومية إجراءات سحب المشروع من المقاول. وأكدت "نزاهة" أن واقع المشاريع لا يعكس مستوى وطموح القيادة والمواطن، على الرغم من الأموال الطائلة التي تنفقها الدولة على المشاريع. وطالب رئيس الهيئة الدكتور خالد عبد المحسن المحيسن خلال حديثه في افتتاح ندوة "تعثر المشاريع الحكومية.. التشخيص ومحاولة إيجاد الحلول" التي انطلقت فعالياتها بمشاركة وزارة الشؤون البلدية والقروية، ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص أمس في الرياض، بضرورة إعادة هيكلة قطاع المقاولات في المملكة بما يتناسب مع حجم المشاريع الحالية والمستقبلية، ومن ذلك النظر في اندماج شركات المقاولات القائمة، أو العمل على إنشاء شركات مساهمة يشارك فيها المواطنون، بهدف إيجاد كيان قوي يحد من المشاكل التي تواجهه في القطاعين الحكومي والخاص. وكشف الدكتور المحيسن عن رصد "نزاهة" منذ إنشاء الهيئة 672 مشروعا متعثرا أو متأخرا من مشاريع الجهات الحكومية، بسبب وجود شبهة فساد ومحسوبية، وهي من أصل 1526 مشروعا وقفت عليها الهيئة، أي بنسبة 44% من إجمالي المشاريع. ولخص رئيس "نزاهة" وجهة نظر الهيئة حول أسباب تعثر المشاريع الحكومية في 16 ملاحظة هي: غياب التخطيط، وعدم وضوح الرؤية أثناء مرحلة الدراسات والتصميم، وعدم الاعتناء لإعداد وثائق المشروع قبل طرحها للمنافسة، والقصور في دراسة طبيعة المشروع من ناحية الموقع ومتطلبات التنفيذ، وعدم الاهتمام باستخراج التراخيص وتقارير التربة اللازمة للمشروع، وعدم وضوح المتطلبات اللازمة لمن يتقدم للمنافسة، وقصر المدة الزمنية لتقدير وتسعير قيمة المشروع من قبل المتنافسين، والتركيز على التحليل المالي للعطاءات دون النظر إلى التحليل الفني، ما ينتج عنه الترسية على صاحب العطاء الأقل دون مراعاة الإمكانات الفنية، والترسية على مقاولين لديهم مشاريع أخرى متعثرة وتفوق إمكاناتهم المالية والفنية، واستخدام نفس كراسة الشروط والمواصفات لأكثر من مشروع، على الرغم من الاختلافات بينها، وضعف كفاءة جهاز الإشراف الفني التابع للجهة الحكومية، وعدم مشاركة فروع الجهات الحكومية في المتابعة والإشراف، وضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشاريع، وعدم وجود مكتب لإدارة PMO، وضعف التنسيق بين الجهات الخدمية التي لها علاقة بمواقع وأعمال المشاريع، وضعف القاعدة المعلوماتية لدى الجهات المختصة عن البنية التحتية، وكثرة أوامر التغيير خلال عملية سير المشروع، والتوسع في التعاقد مع مقاولين من الباطن من دون موافقة الجهة مالكة المشروع، وعدم تطبيق الأجهزة الحكومية إجراءات سحب المشروع من المقاول. من جانبه، وصف وزير الشؤون البلدية والقروية المهندس عبداللطيف عبد الملك آل الشيخ تأخر المشاريع ب"الظاهرة"، مشددا على أنها تدل على وجود خلل في التنفيذ، خصوصا المشاريع الحكومية، مطالبا بضرورة التنسيق والتكامل بين الإدارات والجهات المعنية بتنفيذ هذه المشاريع. وأضاف أن إقرار المواصفات الجيدة للمشروع وتنفيذه في المدة المحددة وتحديد كلفة المشروع تسهم في نجاح المشروع.