100 متر وأقل تفصل قلعة السلاح والمتفجرات الحوثية في صعدة عن الحدود السعودية، إذ يمكن للواقف على الحد السعودي مشاهدة بضاعتها بالعين المجردة، وتلك الصفقات «المشبوهة» التي تتم فيها. إلا أن النقاط الحدودية في منطقة «الذراع الطويلة» تحكم قبضتها على مصدر السلاح الممنوع والمتفجرات الرخيصة التي تستهدف بها حدود السعودية الجنوبية، وخصوصاً خلال «عاصفة الحزم»، فالقنبلة الواحدة بحسب مراقبين وصل سعرها في هذه السوق إلى نحو 50 ريالاً، والبندقية الآلية تجاوز سعرها 1000 ريال، فيما عرضت مدافع «آر بي جي» ب4 آلاف ريال، فضلاً على كميات الديناميت المرتبط سعرها بكمية الانفجار «الإرهابي» المطلوب. «القلعة» المتخذة من جبال وادي ضمد مقراً لها بمسمى «سوق الرقو»، أشبه بقرية مهجورة تسكنها أشباح «الإجرام» و«التهريب»، تحولت دهاليزها إلى غرف ضيقة، زينت حوائطها بألوان الأسلحة والمتفجرات وكل نادر من «المخدرات»، فهي توفر لكل المهربين والمروجين ما يريدون تحت نور الشمس قبل أن تخرج الحمولات في جنح الظلام. صفقات تدار على مدار الساعة، وتعقد في قارعة طرقها «الموحشة»، وملايين الريالات تدور رحاها بين أيدي بائعي السلاح والمتفجرات ومهربيها إلى الداخل السعودي. كل هذا يحدث على مرأى من حرس الحدود السعودي، الذي يرقب ويتابع من نقاطه ب«صمت القادر»، قبل أن يبدأ دوره بمجرد محاولة نقل ممنوعات هذه السوق إلى الحدود السعودية، حينها يكون للسلاح «الرسمي» حق مجابهة سلاح التهريب والتمرد ب«طلقات السيادة». «العتالون» عادة من جنسيات أفريقية، ومهمتهم نقل كل ما هو ممنوع إلى ما بعد الحدود السعودية، يتقاضون من «المهربين» ضعف ما يتمنون، ويعمدون إلى جهاز «الثريا» لتشفير اتصالاتهم مع المهربين والمستقبلين لما يحملونه من «ممنوعات». ويلجأون في أحيان كثيرة إلى إطلاق النار تجاه رجال الحدود لإشغالهم لكي يعبر آخرون من طرق أخرى، فيما يخصصون طرقاً وممرات جبلية وعرة للمساء، وأخرى خفية خلال النهار، وبين الفترتين تكون «الحمير» عناصر تهريب «مساعدة» لكل ممنوعات الحوثي التي دائماً ما تقع في قبضة «الذراع الطويلة». النقاط الحدودية المراقبة لهذه «القلعة» الإرهابية جعلت من مناظيرها «الليلية» مصابيح لتتبع تحركات الخارجين منها قبل القادمين، واتخذت من دورياتها الراكبة والراجلة سياجاً أمنياً «بشري» وسط طبيعة من التضاريس التي لا مثيل لها بالحدود الجنوبية. وقال المتحدث الرسمي في حرس الحدود اللواء محمد الغامدي ل«الحياة»: «رجال حرس الحدود يمارسون أعمالهم منذ بداية عاصفة الحزم بشكل أكثر دقة وحرص، وتمكنوا منذ بداية عاصفة الحزم من القبض على 399 مهرباً وأحبطوا عبور 24506 قطع ذخيرة حية و89 قطعة سلاح متنوعة». وأضاف: «قوات حرس الحدود في المراكز الحدودية مع اليمن نجحت أيضاً في الفترة ذاتها في إحباط تهريب 139 كيلو حشيس و45826 كيلو قات».