نحن المعنيون بهذه الكلمة، وأعي تماماً مدلولاتها النفسية والاجتماعية. نعم نحن فقراء الترفيه الذين لا نصدق أن تفتح لنا نافذة نستنشق منها الهواء «الذي يساعد في استمرار الحياة فقط» إلا ونندفع إليها زرافات ووحداناً... ونحشد كل قوانا لأجل نفس واحد يعيد لنا توازننا النفسي الذي نفقده كل يوم وسط ضغوط الحياة المختلفة. في مدينة كالرياض ليس لنا فيها من خيار للترفيه العائلي سوى البراري البعيدة، أما داخلها فهو بين خاص بالنساء أو باهظ التكاليف، فما بالك بشيء يقام مجاناً ولكل أفراد الأسرة؟ أقول هذا وقد هالني تدافع الناس على مهرجان «ربيع الرياض»، وقد حملوا معهم كل وسائل البسطة و«الوناسة» من مقاعد وفرش وقهوة وشاي، ويحسب لأمانة مدينة الرياض إقامته على رغم الاحتجاج المعتاد والمألوف في مثل هذه المواقف «اختلاط - أغان - تشبّه بغير المسلمين»، ولكن كل ذلك لم يُثْنِ المسؤولين عن إمضائه لاستشعارهم أهمية الترفيه وترطيب الأجواء في أوصال هذه المدينة الجافة، ولم شتات أفراد الأسرة الذي يتفرق كلما حل مهرجان أو أقيمت فعالية. لذا لم استغرب كثرة الجموع التي كانت تفد يومياً، بل أشفق عليها وقد غدت المتعة بالنسبة إليها مجرد النظر في سجادة الزهور البهية، أليس طموحهم محدوداً ويقنعون باليسير؟ ولم أكد أفيق من صدمة كثرة المرتادين هنا حتى أذهلني حضور طاغ هناك في إحدى أسواق المدينة ذاتها، وأجزم أنه لم يبق طفل ولا امرأة لم يحضرا، أتدرون لِمَ؟ لأن فريقاً لبرنامج أطفال تلفزيوني أعلن عن تقديم البرنامج من مدينة الرياض، هل يعقل... دوريات للشرطة والدفاع المدني على أهبة الاستعداد، واستنفار على أعلى درجة داخل السوق وخارجها، إذ لا يوجد موطئ قدم لبشر صغيراً كان أو كبيراً، ما يضطر المنظمون لإلغائه خوفاً على حياة الأطفال الذين كادوا يفقدونها في سبيل بضع سويعات ترفيه هي لدينا استثناء لا يحدث إلا في المناسبات، فيما هي القاعدة في جميع دول العالم، استمرار المهرجانات وحضور المتعة حاضران في سائر أيام العام وفي مختلف المدن من دون الحاجة إلى مناسبة أو فتوى جواز، من دون أن تشهد هذا الزحام والفوضى أو الرفض التي نعيشها كلما قررنا أن نستمتع.