- 1 - أقول: سأحفظ أحلامنا كمرايا لأننا رأينا وجه أولئك الذين رموا أطفالنا من نافذة هذا الفضاء الأخير فوق الخراب قمرٌ ساخرٌ يقهقه مثل امرأة مجنونة في يدها مِغرَفة مكسورة تنظر إلى وجهها وهو يتجعّد في البئر تقول: أترى هذه القصص في المحجوب؟ ليست أجساد من صخرٍ، من عظمٍ، من صوّانٍ بل أصوات الشعراء ستُعلَّق المرايا على الأصوات لأنه إلى أين سنذهب بعد الإزهار الأخير؟ إلى أين ستذهب العصافير بعد المنزل الأخير؟ أين ستنام النباتات بعد لفْظ النفَس الأخير؟ سنكتب أسماءنا القرمزية سنقطع يد النشيد كي تُصبح من لحم وكي يسقي دمنا الزيتونة أيتها الحياة، سيري بخشوعٍ كي أتأمّل شوائبك لقد فقدتُ أثرك ارتديتُ مِسْحك المنسَّل مع أحمر كأسي المكسورة سنموت هنا حيث الأرض التي انغلقت من جديد تُفرّغنا من الشِعاب الأخير الضيّق وأعضاؤنا ممزّقة وتقول: أن نتوه بين القاذورات الفارغة هو أن نُعلن تطويب العدم كالشاعر الأعمى مغنّياً الحيتان مثل تلالٍ برّاقة تحت القمر أُكتُب: عربي أُكتُب: فلسطيني أُكتُب: أفريقاني أُكتُب: بشريّ أيضاً - 2 - في لحظة موتك، يا محمود تخبَّط وتينك كما ينفجر ثعبانٌ أسوَد لأن الآيات لم تعد قادرة على نسج الاستعارة التامّة. من قلبك يتدفّق الدم الأخير كقصيدةٍ في هذا المستشفى الغريب في البلد البربري. في النهاية تحوّل قلبك إلى عصفور بلا جناحين القمر ينبت فوق الجزيرة بين الغيوم المتموّجة لهذا الفصل الشتائي الصغير الذي سيسكُب قريباً حبره القاتم أبياتاً طويلة على الأمواج سيتمكّن الغربان والماعز والأطفال من عزف أغنية بلعبهم في الوحل كما لو أنهم يحتفلون بالتحرير ثلاثة، أربعة، خمسة أيام وليالٍ محجوبة في النهار، محجوبة مثل الموت مثل مساحة مقطعٍ شعري الكلمات تتعفّن في الليل الزمن، مثل حاصدة، يأخذ وقته في حقول الجسد مُهمَلةٌ الجِزّة تذبل الظلال على الأرض العارية تتقشّر مثل خصلاتِ من لحم ينتفخ القمر عذرياً وبدراً مركبٌ شراعي من عظمٍ جمجمتك، يا محمود. - 3 - الهوية حوارٌ، يا محمود حين نسمع الآخر يتكلم كما في حلمٍ ونفهم أن نكون هو أن نتحرّك بين تشكيلة من البراكين ومشهد الحرب والشِعر في زمن الكوارث دمٌ ودمٌ ودمٌ على أرضك في يدي ويدك في زهرة اللوز في قشرة الموزة في حليب الطفل في الظل والنور في حبّة القمح في نتفة ملحٍ القناصّة الأرقون لا يخطئون البتة هدفهم دمٌ دمٌ دمٌ هذه الأرض أصغر من دم أطفالها وأكثر سواداً وصمتاً (ترجمة أ ج)