سلّم الرئيس الأميركي باراك أوباما بمنح "الكونغرس"، سلطة مراجعة أي اتفاق نووي مع إيران ليرضخ بذلك على مضض لضغوط "الجمهوريين" وبعض "الديموقراطيين" أيضاً، بعد أن توصلوا إلى تسوية. ويلقي هذا التطور بعنصر جديد من الشك في المراحل الأخيرة الحساسة من المفاوضات بين القوى العالمية الكبرى وإيران، بهدف تحجيم برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات عليها. ومنذ التوصل إلى اتفاق أولي في سويسرا في الثاني من نيسان (أبريل) الجاري، كثف البيت الأبيض ضغوطه لإقناع أعضاء الحزب "الديموقراطي" في مجلس الشيوخ بعدم تأييد مشروع قانون قدمه الحزبان يعطي "الكونغرس" حق مراجعة أي اتفاق نهائي، قائلاً "إن ذلك قد يهدد اتفاقاً يأمل أوباما أن يكون إنجازاً تاريخياً على صعيد السياسة الخارجية". وعبرت واشنطن ومفاوضون من إيران وباقي أعضاء مجموعة القوى العالمية الست منذ شهور عن القلق من أن يقوض "الكونغرس" احتمالات التوصل إلى الاتفاق قبل انتهاء المهلة في 30 حزيران (يونيو) المقبل، لإبرام اتفاق نهائي. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في "الكونغرس" السناتور بوب كوركر الذي صاغ مشروع القانون، إن "البيت الأبيض وافق على المضي قدماً في المشروع فقط بعد أن اتضح وجود تأييد ديموقراطي قوي له"، وأقرت اللجنة مشروع القانون بالإجماع، ومن المتوقع تمريره إلى مجلس الشيوخ بكامل هيئته ثم إلى مجلس النواب. وأوضح كوركر أن هذا التغيير "حدث فقط عندما رأوا عدد أعضاء مجلس الشيوخ الذين سيصوتون لصالح هذا المشروع". وتنامى تأييد الحزبين لمشروع القانون في الأسابيع القليلة الماضية ليقترب من العدد اللازم لتجاوز أي نقض رئاسي وهو 67 صوتاً، لكن أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزب "الديموقراطي" الذي ينتمي إليه أوباما نجحوا في إضافة تعديلات على مشروع القانون حتى يلقى قبولاً أكبر لدى البيت الأبيض. وينص مشروع القانون الذي تم إقراره، على حق "الكونغرس" في مراجعة أي اتفاق نهائي مع إيران خلال 30 يوماً بدلاً من 60 يوماً، وحذف منه إلزام أوباما أن يشهد بأن إيران لا تدعم أعمالاً إرهابية ضد الولاياتالمتحدة. وبدلاً من ذلك، يُلزم مشروع القانون الإدارة الأميركية بتقديم تقارير منتظمة ومفصلة ل "الكونغرس" في شأن عدد من القضايا من بينها دعم إيران للإرهاب وصواريخها الباليستية وبرنامجها النووي. ويُلزم المشروع الإدارة بإرسال نص أي اتفاق نهائي إلى "الكونغرس" بمجرد الانتهاء منه، ويحرم أوباما من القدرة على تخفيف العقوبات الأميركية على إيران أثناء فترة المراجعة للاتفاق، ويسمح أيضاً بإجراء تصويت نهائي على رفع العقوبات التي فرضها "الكونغرس" مقابل تفكيك إيران لقدراتها النووية. من جانبه، قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش أيرنست، إن أوباما صرح في وقت سابق، بأنه سيستخدم حقه في النقض ضد مشروع القانون المقترح، ويمكن أن يقبل التسويات التي حظيت بدعم من الحزبين في مجلس الشيوخ. وأضاف أن ما أوضحناه إلى "الديموقراطيين" و"الجمهوريين" في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، هو أن الرئيس سيكون مستعداً لتوقيع التسوية المقترحة. ولا يزال من الممكن رفع عقوبات الأممالمتحدة على إيران وغيرها من العقوبات، إذا تم التوصل إلى اتفاق على الحد من البرنامج النووي الإيراني قبل يوم 30 حزيران (يونيو) المقبل. لكن احتمالات عرقلة "الكونغرس" لتخفيف العقوبات أو رفض الأمر تماماً سيضيف المخاوف لإيران التي طالب زعيمها المرشد الأعلى في الجمهورية علي خامنئي برفع العقوبات فور توقيع الاتفاق. وصرح مسؤولون أوروبيون، أن المخاوف من إفساد "الكونغرس" للاتفاق قيّد مصداقية الوفد الأميركي في المحادثات وأثار التساؤلات في شأن قدرة إدارة أوباما على الوفاء بالالتزامات. وفي إسرائيل، قال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينتز اليوم (الأربعاء)، إن إسرائيل راضية عن الاتفاق الذي توصل إليه "الكونغرس" وإدارة أوباما. وصرح شتاينتز إلى إذاعة "إسرائيل"، "نحن سعداء بالتأكيد هذا الصباح، هذا إنجاز لسياسة إسرائيل"، مشيراً إلى أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في "الكونغرس"، كان حاسماً في التوصل إلى هذا القانون، وهو عنصر مهم جداً في الحيلولة دون التوصل لاتفاق سيء أو على الأقل في تحسين الاتفاق وجعله أكثر منطقية. وتقول إيران إن برنامجها سلمي بحت ولا يهدف الى إكسابهم القدرة على إنتاج أسلحة نووية. وكانت روسيا أدخلت متغيراً جديداً في الجدل الدولي في شأن المفاوضات النووية، إذ رفعت حظراً فرضته في وقت سابق على تسليم إيران نظام الدفاع الصاروخي "إس 300".