اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    سفارة السعودية بواشنطن تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    ثمار الاستدامة المالية    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    النصر يُعلن عن تفاصيل إصابة عبدالله الخيبري    موعد مباراة السعودية والبحرين.. والقنوات الناقلة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    ضبط (20159) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    لمحات من حروب الإسلام    الإستثمار في الفرد والمجتمع والوطن    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    طريقة عمل شوربة البصل الفرنسية    حرس الحدود بعسير ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهم البحرية في في عرض البحر    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    القبض على شخص في الرياض لترويجه المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    تأجيل اختبارات منتصف الفصل الثاني للأسبوع القادم    محمد آل فلان في ذمة الله    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    أمطار خفيفة على جازان وعسير والباحة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - لوليتا في طهران وثقافة الطوارق
نشر في الحياة يوم 12 - 12 - 2009


الأحد 6/12/2009: بيئة
كم أن التراب نادر في هذه البقايا، حيث زنجار المعادن والإسمنت المطحون وغبار ما لا أعرف.
فكيف يكون نبات
في حديقة مسمومة؟
ولكن، بقيت لي الكهرباء، التلفزيون أو الكومبيوتر.
أشاهد، بلا تراب، خصباً يُطلع عشباً وزهراً، وأتابع البطل والبطلة ومعهما أغني.
الفرح على الشاشة،
لأننا نعيش
في كهف أفلاطون.
الاثنين 7/12/2009: لوليتا في طهران
كان فلاديمير نوبوكوف في التاسعة عشرة حين اندلعت الثورة البلشفية في بلده روسيا، وفي ذلك الوقت لم يسمح لنفسه بالانزلاق الى أصوات الرصاص ومعانيها المتعجلة، إنما واصل كتابة قصائده الصوفية وهو يرى الثوار المحاربين من النافذة.
قالت آذر نفيسي لطالباتها: لنجرب بعد سبعين عاماً من الثورة الروسية ما إذا كان إيماننا الحقيقي بالأدب جديراً بأن يجعلنا نعيد صوغ هذا الواقع المظلم الذي خلقته لنا ثورة أخرى - تعني بذلك الثورة الخمينية -، وكانت جلسات نفيسي مع الطالبات صفاً دراسياً خاصاً في بيتها في طهران، يضم عدداً من طالباتها السابقات في الجامعة، تختار معهن كتباً في الأدب للقراءة والدرس، وفق معيار الإيمان العميق لمؤلفي تلك الكتب بالطاقة السحرية للأدب، جلسات تشكل الهيكل الذي يقوم عليه كتاب آذر نفيسي «أن تقرأ لوليتا في طهران» (صدرت ترجمته العربية عن دار الجمل في بيروت وبغداد، وكان صدر بالإنكليزية عام 2003 في الولايات المتحدة التي وصلت إليها الكاتبة عام 1997 بعدما فصلت من عملها كأستاذة جامعية للأدب الإنكليزي في بلدها إيران بسبب رفضها ارتداء الحجاب).
صف دراسي خاص في غرفة معيشة في بيت: الأستاذة امرأة وكذلك الطالبات نساء. مكان للتخلص من زي موحد فرضه النظام السياسي ولفتح نوافذ العقل والخيال التي أوصدها.
والكتاب سيرة امرأة من النخبة الإيرانية، عبر حضور نساء أخريات يؤكدن انتماءهن الإنساني بلا حدود، إذ يرحلن في كتب الحضارات الأخرى فتكشف لهن جوانب من قسوة النظام الشمولي. لذلك يندرج الكتاب في أدب الاعتراض الإيراني الذي يواصل حضوره الباهر في العالم اليوم (الى جانب السينما بالطبع) مذكراً بالأدب الروسي وحضوره خارج الستار الحديد الذي أقامه البلاشفة حول روسيا وملحقاتها.
لدى وصول الطالبات الى غرفة المعيشة «يلقين بأرديتهن الخارجية وحجاباتهن الإلزامية فتتفجر منهن الألوان. كما يخلعن عن أرواحهن ما هو أعمق بكثير من الجلابيب، لأن كل واحدة منهن تتعرف شيئاً فشيئاً على ذاتها الفذّة، وتخط لنفسها الشكل الخاص بها».
مع آذر نفيسي وطالباتها تحضر روايات نوبوكوف التي تضاهي أعمال فرانز كافكا في سوداوية تصويرها لأثر الاستبداد في روح الإنسان، لكن روايته «لوليتا» حجبت أعماله الأخرى ولم تقرأ سوى من خلال تيمة واحدة: عشق رجل عجوز لفتاة دون العشرين.
والى جانب أعمال نوبوكوف تحضر أعمال أخرى مثل «ألف ليلة وليلة» و «هاملت» شكسبير، وتفتح من خلالها الستارة على قسوة النظام الذي نصّب رجلاً أعمى أو شبه أعمى على الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية وحذف شخصية أوفيليا من النسخة الروسية ل «هاملت» ورفض عرض الكثير من الأعمال الفنية لأسباب سياسية أو جنسية. خطوات لا معنى لها سوى تقطيع شرايين الحياة التي تصل أهل إيران بالعالم الخارجي: عشنا في كنف ثقافة لا تقيم أي وزن للإبداع أو التميز في عمل أدبي، ولا تعتبره مهماً إلا إذا كان يخدم ذلك الشيء الأكثر إلحاحاً، وأعني الأيديولوجيا، فهذا بلد يؤوّل كل إيماءة تأويلاً سياسياً أياً كانت تلك الإيماءة، وهم يجدون أن ألوان إيشارب رأسي وربطة عنق أبي تمثل رموزاً للانحلال الغربي وللنزعة الإمبريالية، حلق اللحى ومصافحة الجنس الآخر والتصفيق أو الصفير في التجمعات العامة، كلها تقليعات غربية، إذاً فهي دليل دامغ على الانحلال، وهي جزء من خطة الغرب للتقليل من شأن ثقافتنا.
سيرة تسجل بحساسية وبلوحات مشهدية دالة، ذلك الصراع بين حرية الخيال وقيده، تذكرنا بما كتب المعترضون الروس على نظامهم الشمولي داخل بلدهم وفي المنافي، والطريف أن أدباء ماركسيين وشيوعيين في أوروبا كانوا يحتفلون بتلك الكتابات الاعتراضية من باب رقيها الفني وتعبيرها الإنساني الغامر، كأن هؤلاء يرون فرقاً بين العيش غير المستحب في نظام شمولي والتأييد الذي تلقاه السياسة الخارجية لذلك النظام في أمكنة بعيدة.
الثلثاء 8/12/ 2009: حجر وحيد
لا يسأل الحجر عن مكانه في الجدار
حين يلاصق حجارة غريبة.
ولا يسأل البناؤون المتعجلون
حين يقيمون جدار الحقل الطويل،
يداعبونه بلقب «خط ماجينو».
لا يتوقعون أن الريح والمطر
سيكشفان هوية الحجارة
إذ يتفتت الكلسي
ويبقى الصوّان نافراً.
حجر وحيد لا يؤلف جداراً.
الأربعاء 9/12/2009: الكويت
حاضرة في بيوت عرب لم يروها، تخيلوها في طفولتهم حين كانوا يرسمون صور آبائهم الذين يعملون هناك. النفط عنوان، لكن التاريخ يسبق آبار الثروة والحياة تلك، تاريخ البحر والصيد والتجارة، في زاوية الخليج العربي حيث يتقاطع العراق وإيران ويختلط البدو بالحضر والرمل بالبحر. لا صحراء وحيدة لأن البحر هو أيضاً صحراء الماء ومداه الذي لا ينتهي.
الكويت شريان أمدّ بالحياة عائلات على مدى الخريطة العربية، وأمدّ بالكتاب بيوتاً في مدن العرب وأريافهم، كتاب بسعر رمزي يوصل المعرفة الى حيث لا يصل خيال المؤلف - أو المترجم - والناشر الحكومي.
هي أيضاً التجارة، بعيداً الى الهند وتخوم بحر الصين، وهي الغطس بحثاً عن لؤلؤ ينقل الصياد الى رغد، حلم باللؤلؤة وبعروس البحر.
تلك المراكب صارت تحفاً، ورسومها البدائية لوحات وطنية في المتاحف وبيوت الأكابر.
الكويت العروبة، لذلك تحزن عميقاً لضربة أتتها من بيت أبيها. تحاول أن تنسى، ولا تساعدها على النسيان حال العرب وقلقهم المقيم ودمارهم الذاتي (بدل نقدهم الذاتي) في قريب العراق ومتوسط فلسطين وبعيد المغارب.
الخميس 10/12/2009: الطوارق
أنجز إبراهيم الكوني عشرات الروايات ونُقل عدد منها الى لغات أجنبية. كاتب ليبي متخصص في أجواء الصحراء الأفريقية ومداها الطبيعي وعمقها الإنساني. لذلك يشعر القرّاء أن رواياته لا بداية لها ولا نهاية، فكأنما هي سياق واحد اقتطع الى كتب متعددة.
ولا منافس للكوني في مجاله، لذلك نراه يمارس كتابات تأملية وشبه بحثية في شؤون الصحراء الكبرى تكمل رواياته من دون أن تدخل في سياقها.
في هذا الإطار كتابه الجديد «وطني صحراء كبرى» (عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت)، معظمه مكرّس لعالم إبراهيم الكوني الأثير. ومما يقول في مقابلة مع مجلة فرنسية عام 2005:
«النقاد الأوروبيون هم أكثر من رأى في ملحمة (المجوس) عملاً مركزياً، ربما بسبب حجمها وربما بسبب عدم اطلاعهم على بقية أعمالي الملحمية المتعددة الأجزاء والتي لم تتح لها فرصة لتترجم الى اللغات العالمية، نظراً لعسر الترجمة من لغة قديمة وشبه ميتة كاللغة العربية الفصحى، ونظراً لندرة المستعربين المؤهلين ثقافياً، لا لغوياً فقط، للقيام بهذا العمل، ونظراً أيضاً لصعوبة اللغة التي أكتب بها كلغة، ولكن، كوسيلة حاملة رسالة روحية تختلف في جوهرها، كإرث ثقافي ولغوي، عن اللغة العربية، في تعبيرها عن واقع أنثروبولوجي وثقافي.
هذا يعني أن مهمة المبدع هنا مزدوجة، بمعنى أنها لا تقتصر على استخدام قوانين الإبداع الروائي فحسب، لكنها تلتزم قوانين الأنثروبولوجيا أيضاً، بوصفها تعبيراً عن قوم يتكلمون لساناً مختلفاً ويعتنقون ثقافة مختلفة، ويحيون تجربة وجودية مختلفة، بل ملتبسة الى حدّ الغموض، كعالم الطوارق، السكان الأصليين لهذه القارة النبيلة التي تطلقون عليها اسم الصحراء الكبرى».
ويرى الكوني أن «ثقافة الطوارق، كأي ثقافة عريقة هي بدْئية. وبدْئية أمر يعني أنها لا بد من أن تكون مشبعة بما يمكن تسميته روح التكوين، أي تلك الروح الأسطورية التي كتبت بها ملاحم الأمم القديمة، مثل جلجامش السومرية أو الإلياذة اليونانية أو أساطير قدماء المصريين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.