كل يوم ينحسر ماء وطين كارثة جدة عن قصص ومآس تصنف تحت باب ما تشيب له الولدان. عبدالله الثبيتي الذي تجاوز عتبة السبعين من عمره أحد سكان حي المساعد شرقي جدة. لم يدرك أن أرضه التي بنى عليها بيته هي مجرى للسيل إلا حين أحاطه الموت والماء من كل جانب. يقول عبدالله الذي نجا هو وأسرته من الموت بأعجوبة إن السيل الهادر كان يدفع الباب وهم يحاولون إبقاءه صامداً أمام جحافل المياه المتدفقة حتى خارت قواه هو وابناؤه فانشق الباب كما يقول عن جحيم لا عن ماء فما كان منهم إلا أن استعدوا للموت، وأخذ منسوب الماء يرتفع حتى بلغ نحورهم عندها توقف عن الصعود وكأن هناك من أغلق صنبور الماء الغاضب. ويتابع الثبيتي حديثه : «مرت ساعتان ونحن نتبادل كلمات الوداع ولا حديث يعلو فوق حديث الدموع، كان الماء بحاجة إلى بضعة سنتيمترات إضافية فقط كي يغمرنا ويتحول معه بيتنا إلى مقبرة مائية لكن لطف الله كان أقرب». ويستطرد الرجل السبعيني: «مع حلول العصر استطعنا الخروج من البيت وكان المشهد عصياً على الوصف، رأينا السيل جرف بيوتاً وشاحنات نقل ثقيلة، وأنقلب شارعنا رأساً على عقب. عند ذلك فقط أدركت سر وجود معدات قديمة مدفونة يوم بدأت حفر قواعد بيتي»، مضيفاً بحسره «باعوا لنا أراضي في مجرى سيل فحولونا إلى سد بشري في وجه الماء».