نجح ملتقى قادة الإعلام العربي الأول، والذي وفقت وزارة الثقافة والإعلام في البحرين باستضافته، في إيجاد حراك فكري وواقعي لهموم الصحافة وشجون الإعلام العربي. كما استطاع الملتقى جمع المواقف الرسمية والمهنية المميزة، الى جانب حضور إعلامي بارز. برزت في ملتقى الاعلام العربي كلمات الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء البحريني، الذي رعى حفلة افتتاح الملتقى، إذ حضّ على تطوير الخطاب العربي ليكون قادراً على مخاطبة الرأي العام العالمي بلغة تتمكن من تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى بعض المجتمعات ووسائل الإعلام الأجنبية عن الواقع العربي والإسلامي. كما دعا الإعلام الى تحفيز الولاء الوطني، مشيداً بجهود المرأة الإعلامية البحرينية. بينما أشادت وزيرة الثقافة والإعلام مي آل خليفة بالمشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي أطلق عملية بناء الإعلام في المملكة وتحديثه وانفتاحه. وأعلنت في كلمتها الافتتاحية عن اعلان جائزة البحرين لحرية الصحافة، التي ستطلق وتعلن معاييرها في 3 أيار (مايو) المقبل. ودعا الأمين العام للجامعة العربية، في كلمته التي قرأها نيابة عنه الدكتور محمود عبدالعزيز، الى تضافر الجهود لدعم الإعلام العربي وتعزيز التعاون بين القائمين عليه. فيما اعتبر وزير الإعلام الجزائري عز الدين البيومي أن الإعلام اليوم هو «تقريري»، وما نفتقده هو «الإعلام التنويري». وأشار الى أن العالم اليوم يتحدث عن الاتصال، بينما ما زلنا نحن نتحدث عن الإعلام وهو مفهوم تجاوزه الزمن. ولفت الدكتور عبدالله الجاسر، وكيل وزارة الإعلام السعودية، الى أهمية التدريب في الإعلام، معتبراً أن العالم العربي تنقصه البرامج التدريسية المكثفة والواضحة والمواكبة للمتغيرات، كي تساهم في رفع مستوى الإعلام، مشدداً على أن الجامعات العربية التي تدرس الإعلام لا تلبي سوق العمل الإعلامي. كما أشار الى أن إعلام الحكومات العربية يؤثر على 40 في المئة من الرأي العام في عالمنا العربي، بينما يتأثر 60 في المئة بالإعلام الخاص. وتمحورت أعمال الملتقى حول ثلاثة عناوين لثلاث جلسات استمر النقاش فيها ساعات، أطلق خلالها المشاركون العنان لمشاكلهم وجروحاتهم وطروحاتهم لتحسين أوضاع المهنة والقيمين عليها والعاملين فيها، والمحاور كانت: 1 - الإعلام والمتغيرات الدولية، الذي ترأس جلستها، محمد بن عيسى وزير الخارجية والإعلام المغربي السابق، ورئيس منتدى أصيلة الثقافي. 2 - «تأثير رأس المال على صناعة الإعلام»، ترأس جلستها الدكتور عبدالله الجاسر، وكيل وزارة الإعلام السعودية. 3 - مستقبل الإعلام العربي... أزمات وعوائق. وترأسها الزميل الدكتور محمد الرميحي. و «فشَّ» الزملاء خلقهم خلال الجلسات والتي لم يلتزموا في مداخلاتهم بعناونيها، فأثاروا قضايا مهنية مختلفة، مثل حرية الصحافة، ووجوب تخلصها من أية قيود رسمية أو غيرها. كما برزت دعوات متكررة الى ضرورة رفع سقف الحريات ليس فقط عند الحديث على الشؤون السياسية، بل في شتى المجالات. كما اتفق الجميع على أهمية تدريس العاملين في الحقل الصحافي، وعدم الاكتفاء بحملهم شهادات جامعية، الى جانب الدعوة الى الاهتمام بالتخصص في الإعلام الاقتصادي والذي تشهد الساحة الإعلامية فقراً في كوادره. ودعا الزملاء المشاركون الى بناء ثقافة احترام الإعلامي العربي وتقديره، ليس فقط من جانب المجتمع ككل، ولكن وعلى وجه الخصوص الجهات الرسمية، التي تظهر تمييزاً واضحاً في تعاملها مع الإعلام الغربي. وشدّد المشاركون على أهمية الانتباه والأخذ بجدية المتغيرات العالمية، خصوصاً التكنولوجية، والمساعدة في كثير من الأحيان في التعمق والبحث في المواضيع التي تهتم بها مجتمعاتنا العربية، للاستفادة من المعلومات، والابتعاد عن السطحية في طرح المواضيع. الزملاء طرحوا قضية الكمية في مقابل النوعية في الإعلام العربي المكتوب والمسموع والمرئي، وأجمع المشاركون على ضرورة الحد من ظاهرة «الكمية الإعلامية» على حساب النوعية. وتوقّع مشاركون أن الأزمة المالية، ستعصف بالكثير من وسائل الإعلام... ما سيؤدي الى توقفها نهائياً، علماً ان عددها الآن، أكثر من 520 محطة تلفزيونية عربية. واعتبر الإعلاميون الحاضرون، وقد فاق عددهم 150 إعلامياً، المنتدى فرصة جيدة ومفيدة لطرح شؤون المهنة وشجونها. وفيما انتقد البعض صدور التوصيات النهائية قبل انتهاء الجلسة الأخيرة، أكد رئيس الملتقى الإعلامي العربي ماضي عبدالله الخميس أن هذا اللقاء يعتبر مفتوحاً من خلال التواصل عبر الرسائل الالكترونية وغيرها من أجل تقديم المقترحات. كما أكّد الخميسي على ان هذا المؤتمر سيختلف عن غيره لجهة تفعيل التوصيات الصادرة عنه. وهذا ما كان موضع تساؤل من جانب المشاركين الذين تعودوا على حضور مثل هذه المؤتمرات التي تخرج بتوصيات، ويكون مصيرها التاريخ وليس التنفيذ. وفقت وزيرة الثقافة والإعلام في مملكة البحرين الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، في رعايتها واحتضانها هذا الملتقى، ليس فقط في نوعية الاستضافة وسخائها، بل كذلك بتوفير الزخم الرسمي، والأجواء الفكرية والمساحات الحرة لطرح هموم مهنة المصاعب والمتاعب وشجونها والعمل للحدِّ من عشوائيتها.