قبل 48 ساعة من بدء المجلس النيابي اللبناني مناقشة البيان الوزاري للحكومة تمهيداً لمنحها الثقة على اساسه، تواصلت المواقف المتباينة تجاه البند السادس من البيان المتعلق بالمقاومة، ولكن تحت سقف «الجو الوفاقي». وعقدت كتلة «المستقبل» النيابية اجتماعها الدوري برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري في «بيت الوسط». وعرضت الكتلة التطورات السياسية الراهنة من مختلف جوانبها، وأفاد بيان انه «جرى نقاش مسهب للجو الوفاقي الذي يسود منذ تشكيل الحكومة وللبيان الوزاري من مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأكد المجتمعون جعل اولويات المواطنين هي اولويات حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها رئيس الكتلة». وقال عضو الكتلة عمار حوري بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ان «دار الفتوى خط احمر وكذلك مقام المفتي»، ان الرئيس الحريري سيزور سورية من ضمن «المحطات التي سيمر بها، من منطلق دولة لدولة، والعلاقة الاخوية المفترض ان تكون ما بين لبنان وسورية وفي الوقت نفسه مع استخلاص عبر الماضي وعبر الغيمة السوداء التي مرت بسماء العلاقات اللبنانية - السورية». وقلل من احتمال حدوث مفاجآت في جلسة الثقة، قائلاً: «الحكومة ستحظى بغالبية ساحقة وربما غير مسبوقة، وطريقة تشكيل هذه الحكومة الائتلافية والتي من خلالها مثلت كل الكتل النيابية انهت وجود المعارضة وبالتالي الجميع سيتولى التأييد ومنح الثقة للحكومة ولكن في الوقت نفسه المجلس النيابي يفقد دوراً اساسياً من ادواره وهو دور المراقبة وليس منطقياً ان تكون كتل الموالاة شديدة الانتقاد للحكومة، لذلك نحن نقول ان هذه الحكومة بتركيبتها استثنائية ونأمل العودة قريباً الى حكومة تطبق النظام الديموقراطي بمعنى ان تحكم الاكثرية وان تعارض الاقلية». وجدد وزير العدل ابراهيم نجار (تحفظ عن البند السادس) «التضامن الكامل مع الحكومة ومع رئيسها ومع البيان الوزاري، باستثناء التحفّظ الموضعي والدقيق والصريح الذي تمّ الاعراب عنه في مجلس الوزراء»، مضيفًا في حديث تلفزيوني: «نعتبر أنفسنا فريق عمل كاملاً ونريد للحكومة أن تنجح كما نريد للرئيس الحريري أن ينجح». وأيد كلام الحريري «الذي دعا الفريق المتحفّظ للدفاع عن البيان الوزاري وعن الحكومة وأن يبقى تحفّظ الوزراء داخل المجلس»، وقال: «معه حق، لأنّ هذا هو القانون والدستور، نحن كحكومة ليس لنا إلا أن نكون على تضامن كامل، لأنّ ما يحصل في المطبخ الداخلي شيء والدفاع عن البيان الوزاري شيء آخر». ورأى وزير العمل بطرس حرب ان «لبنان يحتاج الى الكثير من العناية ليعود دولة»، ولفت في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» الى «ان مشكلة لبنان مرتبطة ليس بالداخل فقط بل الخارج ايضاً»، ودعا الوزراء الى «تأكيد الموقف الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس الحريري، بأن علينا العمل بروح تضامنية ونأخذ مصلحة الوطن والمواطنين في الاعتبار، بعيداً من خلافاتنا او سباقنا على السلطة ونعمل ضمن فريق منسجم لنقدم الحلول للمواطنين». وعن تحفظه عن البند السادس، قال: «أن التحفظ هو ممارسة للحق الدستوري، وخلافنا ليس على حق اللبنانيين بالمقاومة، بل ما نعترض عليه هو ورود كلمة مقاومة كشخصية مستقلة عن الشعب اللبناني»، وقال: «لا نخالف مبدأ التضامن الحكومي، ولكن ليس مطلوباً منا نكون شهود زور على موضوع لا نؤمن به». وأكد حرب ان «بند الاستراتيجية الدفاعية هو الوحيد الباقي على طاولة الحوار اي سلاح «حزب الله» والمنظمات المسلحة»، لافتاً الى «ان ما عرضه الامين العام ل «حزب الله» حسن نصرالله حول نظرة الحزب الى المقاومة كان وضعه سابقاً على طاولة الحوار»، مشيراً الى انه «مع البطريرك (الماروني نصر الله) صفير في قوله انه لا يمكن الجمع بين نظام ديموقراطي والسلاح». واعتبر ان «حزب الله» اتبع طريقة هادئة وعاقلة في وثيقته الجديدة توحي بأنه قرر ان يخاطب اللبنانيين بطريقة بعيدة من التشنج». واوضح عضو كتلة «المستقبل» جان اوغاسبيان في تصريح ان الحريري «يمثل رئيس حكومة كل لبنان وليس الاكثرية فقط، ويسعى للبحث عن طروحات سياسية واقتصادية تتوافق مع وجهات النظر كافة». وعن سلاح المقاومة قال ان «الكل في قوى 14آذار يرون ان هذا السلاح في مرحلة ما ادى الى تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي لكن اليوم صار التوقيت ملائماً كي يُستوعب من الدولة». وشدد على «ضرورة فتح صفحة جديدة مع السوريين يكون للبنان مصلحة فيها من دون ان يشكل الامر خطراً على اللبنانيين». وأعلن عضو الكتلة نفسها نهاد المشنوق أن جولة الحريري ستبدأ في المملكة العربية السعودية «لأنها أولوية سياسية عند الرئيس الحريري». وقال لإذاعة «النور» ان «زيارة دمشق ستكسر حاجزاً طويلاً من الصراع السياسي والعداوة وستشكل بداية لحوار طبيعي في شأن كل المواضيع المتعلقة بالمصالح المشتركة». وقال ان «أولوية هذه الزيارة تكمن في اعادة العلاقات بين الرئيس الحريري بما يمثله وبين الرئيس بشار الأسد والمسؤولين السوريين الى بداية طبيعتها لا أكثر ولا أقل». وأعرب عضو الكتلة نفسها عاطف مجدلاني عن «تحفظه عن البند السادس، لكونه يعطي كياناً خاصاً للمقاومة بمعزل عن الجيش والدولة». وتوقع في حديث تلفزيزني ان «تحظى الحكومة بثقة تاريخية في المجلس النيابي وبإجماع النواب». ووصف الزيارة المرتقبة للحريري لسورية بأنها «طبيعية وروتينية»، وقال: «رئيس الحكومة يذهب نتيجة دعوة سورية وُجهت إليه، والبيان الوزاري أشار إلى أمور عالقة بين البلدين (ترسيم الحدود، ملف المفقودين وموضوع العمالة السورية)، ورئيس الحكومة سيحمل هذا الملف ليجد له منهجية حل مع الجانب السوري». وأوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي فياض ان «وثيقة حزب الله عبارة عن إعادة تجميع وصياغة واستخلاص لمواقف الحزب وقراءاته المختلفة»، مؤكداً أن «الوثيقة هي سياسية صرف وأهم ما فيها الطابع الإعتدالي»، مشيراً إلى أنها «حافظت على ثوابت الحزب». ورأى عضو الكتلة نفسها حسن فضل الله أن «اللبنانيين عندما يتوافقون يمكنهم ان يلتقوا على العناوين الكبرى كما التقوا في الحكومة على المقاومة».ولفت الى ان «هناك في لبنان من يصر على التغريد خارج سرب التوافق والتفاهم، لكن القوى والكتل الوازنة تفاهمت وتوافقت في ما بينها على انجاز البيان الوزاري، ونحن ذاهبون الى مناقشته بروح التفاهم والتوافق بمعزل عن اصوات تصدر من هنا وهناك تريد ان تخرج من هذا المناخ التوافقي والتفاهمات الكبرى التي أكدت غالبية اللبنانيين مرة اخرى من خلال ممثليها في المجلس النيابي وفي الحكومة، ان هذه المقاومة هي حق للبنان». وأمل ان «تعكس المناقشات المناخ التوافقي والتفاهم الذي تم داخل الحكومة وان كنا ندرك سلفاً ان هناك من يريد ان يجر لبنان الى سجالات واولويات ونقاشات جديدة لكن في النهاية الحكومة ستبدأ عملها بمعزل عن الاعتراضات والتحفظات. نريد ان تكون أولويات هذه الحكومة انمائية على مستوى كل لبنان». وأكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي نبيل نقولا أن «ليس من حق الوزير أن يتحفظ عن البيان الوزاري لأنه في النهاية سيلتزم به وسيطبقه، وهذا منصوص عليه في الدستور، وأما أن يعترض، فالذي يعترض على شيء يطالب بتغييره»، قائلاً: «أنا كنائب يمكنني أن أتحفظ، ولكن الوزير إما أن يكون في الحكومة أو لا يكون».