ازدهرت السياحة في لبنان خلال إجازة عيد الأضحى، واستقبل البلد عشرات الآلاف من المغتربين اللبنانيين والسعوديين وغيرهم من الخليجيين، وساعدت أجواء لبنان الربيعية، انتعاش الحركة في أرجاء المناطق اللبنانية كافة. لكن البلد الذي عُرِف بقدرته على التعامل مع المناسبات والمواسم السياحية، لم يعد كذلك، والضعف لم يقتصر على زحمة السير التي جعلت الانتقال من منطقة الى أخرى مشقة، تفوق مثيلاتها في موسم الحج. حتى مطار بيروت بات يغار من بعض المطارات العربية المتواضعة، فأصبحتَ ترى بعض رجال الأمن يتصرف كموظف علاقات عامة في شركة سياحية، ناهيك عن الطوابير، وغياب التنظيم، وتفشي المحسوبية. اللافت في لبنان اليوم أسعار العقارات، فسعر المتر خارج بيروت والجبل يبدأ من 1600 دولار، وفي مشاريع جديدة بدأت لتوها داخل بيروت وفي الضواحي القريبة أصبح السعر يبدأ من بضعة آلاف، حتى وصل في بعض المشاريع الى 12 ألف دولار. وإذا استمر الاستقرار السياسي، فإن متوسطي الدخول من اللبنانيين سيعجزون عن الحصول على سكن في المستقبل، وربما واجه لبنان أزمة حقيقية، فالوضع العقاري في هذا البلد الفقير يشهد حالاً تشبه تلك التي مرت بها دبي. على رغم ضعف الخدمات وترهلها بسبب الأزمة التي مر بها لبنان، وعلى رغم زيادة تكاليف المعيشة التي بات المواطن البسيط يدفع ثمنها، يرى المتفائل من اللبنانيين ان حيوية البلد، واستمرار الاستقرار السياسي، وتدفق رؤوس الأموال الخليجية في المرحلة المقبلة، يمكن أن تعيد تصحيح الوضع. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في مزاج البلد، إذ إن الحديث عن الطائفية السياسية الذي يجد رواجاً هذه الأيام في خطاب السياسيين اللبنانيين، بات تفصيلاً بسيطاً وسط الأزمة الطائفية العميقة التي يعيشها اللبنانيون اليوم. أصبح سائق سيارة الأجرة يعلن لك عن طائفته قبل أن يسألك عن وجهتك، وامتدت الحال الى الطبقة المتعلمة، وتحولت الطائفية من قضية سياسية الى أزمة اجتماعية حقيقية، ولا أبالغ لو قلت إن اللبنانيين يعيشون أزمة طائفية ومذهبية لم يشهدها لبنان حتى أيام الحرب الأهلية، فاستبدل اللبنانيون أحداث حرب 7 أيار وذكرياتها الأليمة، بالحرب الأهلية المفزعة، الى درجة أن السائح، غير المهتم بالشأن السياسي في البلد، أصبح يلمس هذا الاحتقان الذي ينذر بعودة لبنان الى وضع غير مطمئن.