الآن أكتبُ بعض أسفاري، وأورادي على صدر الجميلةِ، في الحقول الذاهبات إلى التفاح واللبلابِ، حين تظلّنا: قمرين منقوشين في طين البداياتِ السحيقةِ، يوم كان الشعر أقربَ من جنون العشقِ، من ناياتِ كفّيها على روحي، وأدفأَ من مجاز القول في كأسي، وفيما يشبه الوحي الذي ينحلُّ في لغتي، فنغدو عاريين على السليقةِ، مثلما الأشجارُ، لا تُخفي ترائبَها البهيّة عن يديّ، ولا أُداري سوأتي عنها، وحين يجيء وقت الصبح أجعلُها إِمامي. الآن أنسج ثوبها برهافة « البَرْدِيّ»، لوناً باسماً، إما استطعت إليه نافذةً، وأنقشُ فيه ما يُشفي الغويِّ من النوى، لتصيرَ فاتنتي عروساً مثلما «إيزيس» أو«حتحور»، تُشعلُ في البلاد مباهج الأعياد، حين يفيضُ وادي الماءِ بالطميِ الولودِ وجنّة الأحفادِ، أصنعها على عيني، وأرفعها لباب الشمسِ كيما تقتفي «عشتار» في سرّ الهوى والجنسِ، ثمّ أُعيدُها لتكون سيّدةً لكلِ الإنسِ، فاض «الغمْرُ» فاض البحرُ، فانتجَعَت به «أرضُ الكِنانةِ»، تلك سيّدتي التي، من قبلُ، لم أدخل بها لكنها أسَرَتْ مخيّلتي وأسْرَتْ بي إلى حُلُمي، وأجرَت في لساني ما يحِنُّ بهِ اليمامُ إلى اليمامِ. الآنَ، متكئاً إلى ظِلّي، وقامتِها أُغنيّ دونما خوفٍ من النسيانِ، أو وَجَلٍ من السّجَانِ تأخذنا الخُطىْ صوبَ المدينةِ، يوم أسْلمْنا السفينةَ في أعالي النهر للعُشّاقِ، وانتبهَت أصابعُنا إلى الضوء البعيدِ يهلُّ من مشكاةِ صيادين في النهر الطويلِ، ومن فوانيس القرى، والشّدْوِ في الحَلَقَاتِ، قِيْلَ لنا اهبطوا تلك البلادَ، فإن امرأةَ العزيزِ، قد استرابتْ من نشيدِ القمحِ في الشُّرفاتِ والمزمارِ في الحاراتِ، والراياتِ في الميدانِ وانتبَذَتْ مكاناً خارج الأسوارِ يعصمها من الطُّوفَانِ قُلتُ: هنا يجيء الوقْتُ، سوفَ أُخضِّبُ الألوان في لوحي وأكمل رسمَ صورتِها وبسْمتَها ووُجْهتَها البهيّةَ صوبَ أغصان الحياةِ، وجوهرِ المدنيِّ في الوثنيِّ والدينيِّ يومَ يكون كُلُّ الناسِ أمشاجَا سواسيةً، وغيماً يُمطِرُ الأطفالَ بالألعابِ والحلوى وبالوردِ التّهاميْ. ويسيلُ في الواحاتِ مشتعلاً بألحانِ المحبّةِ والسّلامِ واليوم واليومَ قد أكْمَلتُ عِدّتها، وزِينتها، فإمّا لاح نَقْصٌ في أقاليم الكلامِ، فإنّ آيتَها تمامي. إن آيتها تمامي. * شاعر سعودي. - «إيزيس»: شقيقة الملك الفرعوني «أوزيريس» وهي زوجته، وبعد قتلها في حكاية طويلة، تحوّلت إلى طائر يقوم بالبحث عن أجزائه الممزقة حتى تجمّعت، وعادت للحياة، وأنجبا «حورس». - «حتحور» رعت « حورس»، وهي ربّة الحب التي تدعو إلى السعادة وإشعال قلوب العاشقين، وهناك احتفال سنوي باسمها حينما يفيض النيل.