لم تخفف عبارة «الوضع تحت السيطرة»، التي يطلقها المسؤولون في جدة حول احتمال هطول أمطار مقبلة، من هلع وخوف السكان، إذ قرر كثيرون النزوح عن مدينتهم قاصدين مدناً قريبة، أو بيوت أسرهم في محافظات بعيدة، بحثاً عن الأمان الذي فقدوه منذ «كارثة نوفمبر»، مرددين عبارة «ياروح ما بعدك روح»، لاسيما وأن تدفق الماء من بحيرة «التبخر» أشعل تلك المخاوف. ويرى أهالي الأحياء المنكوبة في جدة أن تصريحات المسؤولين فيها تختلف عن الواقع الذي يعيشونه، خصوصاً في ظل وجود تحذيرات من هيئة الأرصاد وحماية البيئة باحتمالية هطول أمطار خلال اليومين المقبلين. وما زاد في توتر «الجداويين» تحذيرات مديرية الدفاع المدني لسكان الأحياء الشرقية من المحافظة والمجاورة لبحيرة الرعب «بحيرة المسك» وطلبها إخلاء منازل البعض منهم. فرسائل الجوال التحذيرية التي تلقتها خيرية الحسن (60 عاماً) بثت الخوف فيها ودفعتها للطلب من زوجها أن يصطحبها وأبناءها إلى مدينة الطائف، وتقول: «رسائل الجوال التحذيرية التي أتلقاها بين الحين والآخر زرعت الخوف في نفسي، ما دفعني لإقناع أسرتي بالذهاب لمدينة الطائف القريبة من جدة، خصوصاً وأن مياه السيول الناتجة من أمطار يوم الأربعاء الكارثي غطت جميع الشوارع القريبة منا، وعشت ساعات من القلق والخوف في انتظار أبنائي الذين كانوا خارج المنزل وقت الأمطار». مشيرة إلى أن موقع منزلها ليس بالأمان في حال هطول أمطار أخرى على جدة، وتقول: «منزلنا قريب جداً من طريق الملك عبدالله الذي شلت فيه حركة السير يوم الأربعاء الأسود، ما يشعرنا بعدم الراحة في الوقت الراهن». فيما أجبرت تحذيرات الدفاع المدني من إمكان انفجار بحيرة الصرف الصحي في حال هطول أمطار أم محمد الحربي (32 عاماً) من سكان حي الصفا على السفر مع أسرتها إلى مدينة ينبع، موضحة أن منزلهم يقع في الأحياء التي ستتضرر في حال انفجار سد البحيرة، «ولا أعلم ماذا سيحل بي وأبنائي صغار السن في حال وقوع هذه الكارثة، خصوصاً وأن عمل زوجي يتطلب منه البقاء خارج المنزل لفترات طويلة». ولم تقتصر حالات النزوح السكاني في جدة على الحسن والحربي، إذ قررت أم مازن الغامدي (34 عاماً) منح أبنائها الثلاثة إجازة لمدة أسبوع من المدرسة لتهرب بصحبتهم على حد قولها إلى مدينة الخبر في المنطقة الشرقية حيث منزل أسرتها، مؤكدة أن احتمال سقوط أمطار على جدة خلال اليومين المقبلين زرع بداخلها الخوف والرعب، خصوصاً وأنها تعايشت مع تلك الحادثة يوم الأربعاء الكارثي. وأضافت: «ما زاد في توتري احتمال انفجار بحيرة الصرف الصحي إذ إن الوضع سيكون الأكثر سوءاً عما حدث في المرة الماضية». مشيرة إلى أن قرارها الذهاب لأسرتها التي تسكن المنطقة الشرقية هو الصائب في الوقت الراهن، «وقرار عودتي لمدينة جدة يتوقف على حال الطقس بها»، لاسيما وأنها لا تفضل البقاء في أجواء ممطرة تنذر بوقوع كارثة جديدة.