الفنانة السعودية زينب الماحوزي، فنانة ذات لون مشع وفرشاة لا تعرف التردد، تحلم بالشهرة، لكنها تفضل الانطلاق من الداخل، منذ معرضها الأول «فواصل» أعلنت دخولها المعترك بحرفية عالية، الصبية التي لم تبلغ ال20، يومها ظن بعضهم أنها لن تستمر وأنها بالونة سرعان ما تأخذها الريح أو يسحقها الزمن، في معرضها الثنائي goal أكدت ترسيخ فرادة لونها وقدرتها على التجديد والمنافسة. «الحياة» زارت مرسمها وحاورتها حول تجربتها التشكيلية. فإلى نص الحوار: * رسمتِ بورتريهات لشعراء كنزار قباني ومحمود درويش.. ما الذي يعنيه الشعر في حياة الفنانة زينب الماحوزي؟ - جميع الفنون ترتبط بعضها ببعض: الرسم، الشعر، النحت، الخط والموسيقى وغيرها. الكثير من الفنون التي لا تنتهي ومثل ما تؤثر الموسيقى في حال الفنان وهو يرسم، لدى الشعر أيضاً لحن موسيقى ووزن وقافية، يمكنها جعل الرسام يهيم، لذلك نرى الكثير من الرسامين يمارسون الكتابة، لكن ليس لأنهم شعراء، بل لأنهم يشعرون بأنهم شعراء بلونهم. * في معرضك المشترك goal بدت ألوانك قوية وزاهية، تماماً مثل كرة القدم.. كيف جاءت الفكرة؟ وهل لك علاقة بكرة القدم ممارسةً أو تشجيعاً؟ - قبل أربع سنوات بالمونديال الماضي كنت أشاهد برنامجاً رياضياً مع والدتي، وعرض في هذا البرنامج معرض تشكيلي رياضي، وأحببت أن أُقدم على هذا الأمر، ولاسيما أنني من محبي الساموراي والتانغو. ومرت السنوات إلى أن وصلت الفنانين دعوة للمشاركة بلوحات رياضية بمدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة من مشرف المشروع الفنان زمان جاسم، وتذكرت ما كنت أنوي أن أفعله سابقاً وأخبرت الفنانة المجنونة سكنة حسن بهذا الأمر، أي أنني كنت أنوي فعل أمر مماثل، لكني ترددت وبعدها اتصلتْ بي سكنة لتسألني إن كنت مستعدة لعمل معرض رياضي مشترك في وقت قياسي يخص الكرة؛ لأنها مهتمة بنادي سعودي، ولأنها كانت تفكر بأمر مماثل بفارق أنه يخص نادياً معيناً، واتفقنا على أن يكون عن مونديال كأس 2014 ومتزامناً في الوقت نفسه، وبحمد الله وفقنا في ذلك. * بين معرضك الأول «فواصل»، ومعرضك الثاني المشترك عام واحد فقط.. متى تصافح أعين الجمهور معرضك الشخصي الجديد بعد النجاح الكبير للتجربتين؟ - أعتقد بأنني مسؤولة أكثر الآن عما سأقدمه بعد نجاح المعرضين المتتاليين الشخصي «فواصل» والثنائي «قول»، لذلك لا أنوي الاستعجال قبل نضوج الفكرة وإن نضجت واكتملت، لا أضمن تقبل المجتمع لها، لكن لا بأس بالمحاولة. * سيدة واحدة يتيمة كانت هي الرسمة الوحيدة بين بورتريهات رجالية تعددت اهتمامهم ومشاربهم.. هل لديك حساسية ما من رسم السيدات؟ - يصادف أن أرسم الرجال في معظم اللوحات أكثر من النساء من دون قصد، إنما مصادفة بسبب موضوع المعرضين الشخصي «فواصل» والثنائي «قول» يتطلب مني رسم الرجال، والمرأة اليتيمة الوحيدة التي كانت في معرضي الشخصي هي الملكة، كملكة خلية النحل وضعتها وحدها بجانب الرجال لأبين بأن وراء نجاح كل هؤلاء الرجال امرأة عظيمة سعت وراء نجاحهم وتشجيعهم على تحقيق أحلامهم، زوجةً أو أختاً أو أماً، ألا يكفي بأن المرأة العظيمة هي من أنجبتنا؟ ولا شك بأن المرأة هي مصدر إلهام كبير للرجل وللمرأة نفسها منذ أن بدأ التاريخ، فلولا المرأة لما جن قيس بليلى، ولما كتب عنترة بن شداد في عبلة، لما مات روميو حُباً على جولييت، ولما فاز مودلياني بلوحته على بيكاسو، ولما ألهمت الخادمة فيرمير ورسمها، ولما رُسمت المرأة منذ عصور قديمة وعُلقت بالمتاحف ليراها جميع الناس إلى يومنا هذا. * استخدمتِ «تقنية الstencil graffiti وبعض الخامات؛ لتحصلي على لون بصري حي ومعبر عن الشخصيات.. كيف توصلت إلى هذا الخيار؟ - بعد المعرض الثنائي المشترك بيني وبين الفنان حسن أبو حسين (لحظات) 2011 أدركت كم كانت تجربتي غير ناضجة لا باللون ولا بالفكر، فتوقفت فترة عن الرسم، وبدأت بممارسة التغذية البصرية من خلال المشاهدة عن طريق الإنترنت وزيارة المعارض الفنية أكثر، ومن ثم بعمل التجارب الفنية المختلفة لأتميز بشيء مختلف عن فناني القطيف، والحمد لله وفقت في ذلك. * سر الإبداع هو معرفة إخفاء مصادرك. ألبرت أينشتاين. وهو أحد الذين رسمتهم.. هل تخفي الماحوزي مصادرها الإبداعية؟ - لا أتفق مع آينشتاين؛ لأن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة». بعضهم لديه حساسية كبيرة اتجاه هذا الأمر، لا أمانع أبداً بالإجابة عن أي سؤال يوجه لي بخصوص التقنيات المستخدمة في اللوحة، ولدي مقاطع فيديو خاصة بقناتي في «يوتيوب»؛ ليُستفاد منها، لدي قاعدة خاصة وهي إن كُنت أخشى أن أتحدث عن تقنياتي الخاصة من وجهة نظري الشخصية، هذا يعني أنني لا أثق بنفسي بأنني سأقدم الأفضل في المستقبل، وأنني أخشى أن يتفوق عليَّ أحد، وهذا ليس صحيحاً، فلكل مجتهد نصيب، والرزق لا يأخذه غير صاحبه، لكن من دون غش. * «لا ليل يكفينا لنحلم مرتين».(محمود درويش).. أيسعف الليل الماحوزي لتحلم مرات عدة أم الوقت ضيق للأحلام وأن العمل والمثابرة هما ما يقودانها لحلمها وهدفها؟ - من أجمل الأشياء هو دخولي الساحة الفنية في سن صغيرة، حتى وإن كانوا يرونني دخيلة مُستصغرة بأعين الغالبية غير مرغوب بها. وفي كل يوم أكتشف بأن لي حلماً جديداً، وأسعى لتحقيقه حتى جاء اليوم الذي كبرت في أعينهم، وأصبحوا يلقون عليَّ سلاماً ويرسلوا لي الدعوات الخاصة، بعد أن كنت غير مرحب بها بالنسبة إلى بعضهم. * «أن يهتم المرء بالفصول المتغيرة أسعد له من أن يحب الربيع بلا طائل».(جورج سانتايانا).. هل تترك الفصول المتغيرة أثراً على لون الفنان وروحه؟ - ليس الفصول بالتحديد هي من تؤثر بقدر ما كلما كبرت ونضجت فكرياً تغيرت الحالة النفسية برغبتي لبعض الألوان بشكل مفاجئ. * شاركت في لندن، البحرين، الكويت، قطر، ومدن سعودية كثيرة.. ما الذي يميز المشاركات الخارجية عن الداخلية؟ وما البلاد التي وجدتِّ روحك تتماهى معها؟ - من المهم أن يبدأ الرسام بالمشاركة بمنطقته أولاً ومن ثم التوسع بحدود دولته، وبعدها المشاركة في الخارج. ما يميز المشاركات الخارجية في الدول الغربية هي اهتمامها بفنون أخرى لم تصل إلينا بعدُ، هذا يقدم للرسام ثقافة فكرية وتغذية بصرية لن يحصل عليها في الداخل. أحب تجربة كل مكان في الخارج والداخل، لكن بالتأكيد أُفضل الدول التي تهتم بالفنون بشكل حديث، سواء أكانت عربية أم غربية. ولا أخفي أن قلبي يهيم بهواء الخارج. * «لكي ترسم يجب أن تكون مجنوناً» (سلفادور دالي).. ما الذي يعنيه دالي بالجنون هنا؟ - أن تنظر إلى الأمور بنظرتك الخاصة المختلفة عن الجميع، كأن تسمع صوت كعب الحذاء كالموسيقى، وأن تخلق لك لوناً لا يشبهه أحداً لك أنت وحدك، إذا تحدثت عن الجنون فلن أنتهي، أن تكون مجنوناً يجب أن تكون جريئاً.