على رغم الترسانة العسكرية التي تملكها المملكة، والتي تعتبر من ضمن أفضل عشرة جيوش عالمياً، خصوصاً القوات الجوية الملكية - وفق شهادة عسكريين دوليين، إلا أنها لم تستغل تلك القوة - وفق آراء العديد من الخبراء - في فرض السيطرة لتحقيق مصلحة ذاتية بأسلوب «البلطجة»، وإنما ظلت تلك الإمكانات في محل الدفاع، وتعزيز السلام وحفظ العدالة. وبدأ دور الطيران السعودي منذ حرب الوديعة التي فرضها النظام الشيوعي السابق في اليمن الجنوبي على البلاد، بعد دخول عدد من عناصر قواته المسلحة إلى الوديعة في محافظة شرورة (جنوب غربي المملكة) في عام 1969، ما دفع وزير الدفاع والطيران حينها الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز إلى توجيه الطيران السعودي بقصف منتهكي حرمة الحدود، وتحرير الأرض السعودية في وقت قياسي لم يتجاوز اليومين. ومنذ أحداث الوديعة، سادت أجواء من الهدوء بين البلدين المتلاصقين جغرافياً وديموغرافياً، ولم تعرف الحدود السعودية - اليمنية أي تجاوزات من الطرفين حتى اعتدى «الحوثيون» في عام 2009، على القرى السعودية المحاذية للشريط الحدودي مع اليمن في منطقة جازان، لترويع الآمنين وإخراجهم من قراهم. وهنا، عاد «الصقر السعودي» إلى التحليق مجدداً في سماء جازان، وتحديداً في المنطقة المعروفة باسم الجبل الأسود، لصدّ العدوان الحوثي الآثم الذي سقط على إثره شهداء من أهالي القرى ورجال حرس الحدود بعد أن دخل المهاجمون عليهم غفلة، وفي أسلوب يعكس «الغدر» الذي يتمتع به «أنصار الشيطان»، وفق ما يطلق عليهم معارضوهم في اليمن. وانتهت تلك الأحداث بانسحاب كامل من أفراد تنظيم «الحوثي»، الذي مُني بخسائر فادحة في أفراده وعتاده، بعد أن اعتقد أن الحروب الخمس التي خاضها ضد النظام اليمني السابق منذ عام 2004، جعلت منه قوة. واليوم، يعود «الصقر السعودي» إلى التحليق، لكن هذه المرة في سماء غير أرضه، والهدف ليس طموحاً توسعياً أو شخصياً، لكن لتحقيق العدالة التي رفضها الحوثي منذ سيطرته على العاصمة صنعاء في العام المنصرم، على رغم محاولات سياسية حثيثة منطلقها «الحكمة السعودية» لضمان استقرار الجار في الأرض والدم في وجه «المخططات الإيرانية»، وفق ما يقول معلقون.