قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبداللطيف دريان إن «علينا ألا نكتفي عقب أي حادث إرهابي وإجرامي بإصدار البيانات الشاجبة فقط». وأقر بوجود «مشكلة حقيقية في مسألة التكفير العشوائي وغير الصحيح»، ودعا إلى «التصدي لتحريف المفاهيم» في الدين الإسلامي.(للمزيد). واعتبر الشيخ دريان في حديث إلى»الحياة» عشية زيارة رسمية يبدأها اليوم لبريطانيا هي الأولى لمفتي لبنان منذ عقود، أن «هذا التكفير اتخذ من قبل البعض وسيلة لاستحلال الدماء والحريات والكرامات والأعراض، ووسيلة، ليس فقط لفرض الرأي أو المذهب، بل تعداها إلى الحرمات الثلاث التي نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ارتكابها بعد أن بين لنا حرمتها في خطبة الوداع بقوله: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ حُرْمَةُ يَوْمِكِمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ). وأضاف:»والأمر الخطير أن هذه القلة العنيفة أتيحت لها وسائل تدميرية ضخمة ومريعة، فهي تشوه الدين وتدمر فقه العيش الواحد، وتقتل وتذبح وتحرق كل من خالفها في فكرها، وتجتاح البلدات والقرى الآمنة وتهدم البيوت وتهجر الآمنين، وتفعل ما تفعل مدعية ذلك باسم الإسلام». كما أقر المفتي دريان بأن «فاتنا نحن المعتدلين والعلماء والمؤسسات الدينية والتعليمية الكبرى، الكثير في شؤون التربية الدينية وفي التعليم وفي الفتوى وفي الرعاية الدينية في المساجد... وعلينا أن نتدارك ذلك، هناك واقع يحتاج إلى إصلاح كبير... وفرص النجاح في الإصلاح متوافرة». ورأى أن «علينا جميعاً أن نعيد جسور الألفة والوئام والثقة المتبادلة في مجتمعات الاغتراب». وقال: «نحن من دعاة الاجتهاد والتجديد في الخطاب الديني... الشجاعة ضرورية في تصحيح المفاهيم المحولة والمحورة من بعض من ينتسبون إلى الإسلام... وبالإصلاح يكون توضيح المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي ونرد عن ديننا حملات التشويه والافتراء، ونحن في هذه الأيام في خضم عملية إصلاحية شاملة». وإذ أشار إلى أن «التطرف والإرهاب ضعفا ولن تستطيع قلة الإساءة إلى مشروع الأكثرية ومنهجها»، أكد أن «وضعنا في لبنان أفضل نسبياً من دول ومجتمعات أخرى». وقال:»أصبحت لدينا مناعة كافية ضد الفتن المذهبية والطائفية». وأوضح أن «التعاون المثمر» بين دار الفتوى في لبنان ومفتي مصر الدكتور شوقي علام والإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، «ستظهر نتائجه في مستقبل الأيام»، منوهاً بمواقف المرجعيات الإسلامية الرافضة للخطابات والممارسات المتطرفة، ومنها مواقف المفتي العام للمملكة العربية السعودية. وتجنب المفتي دريان الإجابة عن سؤال في شأن الموقف من الزواج المدني الاختياري الذي تطالب به شريحة من اللبنانيين، كوسيلة لتعزيز العيش المشترك، واعتبر أن «ما يطرح من مشاريع بهذا الخصوص لا علاقة لها بتقوية العيش المشترك أو إضعافه». وأكد أن «الحوارات في لبنان أزالت الكثير من التشنج، ونحاول جاهدين تخفيف الاحتقان والتشنج المذهبي». ورأى أنه «لم يعد مقبولاً بقاء الشغور الطويل في سدة الرئاسة الأولى».