في ظل استنفار كبير من الأجهزة العاملة في موسم الحج، أنهى معظم الحجاج أمس ثاني أيام التشريق مناسكهم، بعدما رموا «جمرات العقبة» الثلاث، وأدوا طواف الوداع، وبقيت أقلية منهم في منى قررت عدم التعجل، اقتداءً بسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وبهذا، خلا سجل الحج هذا العام من أي حوادث طارئة، أو انتشار أمراض وبائية، ما يعد نجاحاً لخطط خدمة ضيوف الرحمن. وشهد جسر الجمرات، ضغطاً شديداً لنحو ساعة ونصف الساعة بعد ظهر أمس، قبل أن تعود الحركة فيه إلى انسيابيتها، ولم تسجل هناك أي حوادث تذكر. ونظم 20 ألف رجل أمن انتشروا على الطرق المؤدية إلى مكةالمكرمة، تدعمهم مروحيات تابعة لوزارة الدفاع والطيران وجهاز الدفاع المدني، «نفرة» الحجاج من منى إلى الحرم المكي، لأداء طواف الإفاضة. وأكد أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، أن موسم حج هذا العام «نجح نجاحاً كبيراً، ولم تظهر حتى الآن أي مشاكل»، لافتاً إلى أن السعودية أضافت خدمات كثيرة خلال هذا الموسم، «تمثل مشروعاً تنموياً لمنظومة خدمات متكاملة، وليست خدمة واحدة من الجهات كافة». وأشار إلى أن «خدمات المسارات الترددية وقطار المشاعر وإكمال منشأة الجمرات، من أهم المشاريع التي تم إنجازها، أو إنجاز جزء منها»، موضحاً أن مساراً جديداً أضيف هذا العام على نظام الترددية، «ووضعنا له حجر الأساس، وسيكون هناك طريق ثالث للترددية سيصبح جاهزاً العام المقبل». وقال إن «مشروع المسعى الشريف سينتهي، وسيستفاد منه خلال العام المقبل، إضافةً إلى توسعة الملك عبدالله للمسجد الحرام، وستستمر المشاريع خلال السنوات المقبلة». ولفت إلى أن «هناك اهتماماً بالمنطقة المركزية التي ستنظم وتكون جاهزة مع الانتهاء من مشروع توسعة الحرم، كما أن هناك مشروع صالات الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز الدولي الذي انتهى بالكامل هذا العام، ما اختصر كثيراً من الإجراءات المختصة بقدوم الحجاج التي أصبحت تتم في وقت قياسي جداً». وأشار أمير مكة إلى أن «هناك مشاريع تنظيمية حديثة، فبعد أن بدأنا العام الماضي في مشروع لا حج بلا تصريح، انتقلنا هذا العام لتطبيق مشروع جديد للمركبات والشاحنات التي تحمل 25 راكباً فما فوق، وحقيقةً أن النجاح خلال العام أصبح مميزاً عن العام الذي قبله، وهذه القرارات أعطت فرصة كبيرة للحركة في المشاعر، فضلاً عن عملية التنقل في المشاعر المقدسة من منى إلى عرفات، ومن عرفات إلى مزدلفة، إذ حققت فيها حركة الانتقال أرقاماً قياسية في زمن الانتقال من مكان إلى آخر داخل المشاعر المقدسة». لا أوبئة في الحج من جهته، كشف وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة أن وزارته سجلت 73 إصابة مؤكدة بفيروس «إتش1إن1» المعروف باسم «أنفلونزا الخنازير»، بين حجاج بيت الله الحرام، لافتاً إلى وجود خمس حالات وفاة بين هذه الحالات المسجلة. وأكد «خلو حج هذا العام من الأمراض المحجرية والمعدية، والوزارة لم تسجل أي أمراض وبائية أو محجرية أخرى بين الحجاج». وقال: «تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء بتقديم أفضل الخدمات الصحية، وتوفير الرعاية الطبية لضيوف الرحمن، سخرت وزارة الصحة كل إمكاناتها المادية والبشرية، للحفاظ على صحة وسلامة الحجاج، وتوفير أجواء صحية وسليمة، ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان». وأضاف: «بناء على ما تم الاطلاع عليه من تقارير الهيئات الصحية المحلية، ونتائج الاستقصاءات الميدانية، ومتابعة الوضع الصحي بين الحجاج، وما أوضحته الإحصاءات والتقارير الصحية، فإن نسبة الوفيات انخفضت عن العام الماضي بنسبة 37 في المئة، كما أن الإجراءات والاحترازات التي اتخذتها وزارة الصحة أدت إلى تقليل انتشار مرض أنفلونزا الخنازير بين الحجاج». ولفت الربيعة إلى أن «هناك ستة خبراء من وزارة الصحة الأميركية موجودون مع وزارة الصحة في الحج، ولمسوا دقة المعلومات وشفافيتها، إذ إنهم اطلعوا على المعلومات أولاً بأول»، مؤكداً «حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على الشفافية، وتوجيه الوزارة بأن تكون واضحة، ليس فقط مع وسائل الاعلام، ولكن أيضاً مع المجتمع». ويُتوقع أن تشهد المدينةالمنورة زحاماً كبيراً خلال الأيام المقبلة، إذ تتوجه نسبة كبيرة من الحجاج، خصوصاً من خارج السعودية، إلى الحرم النبوي للصلاة فيه، وزيارة قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم).