جاء خبر إعلان الجيش الفرنسي إرسال عددٍ من جنوده المسلمين إلى السعودية لأداء فريضة الحج هذا العام مفاجئاً لكل الأوساط الفرنسية، وذلك بعد أقل من عامٍ على تعيين مرشد ديني للجنود المسلمين في الجيش، في اعتراف هو الأول من نوعه في تاريخ الجيش الفرنسي بالديانة الإسلامية عنصراً مكوناً لقطاعٍ عريضٍ من أفراده. إرسال الجنود المسلمين الفرنسيين إلى السعودية أوقف لاحقاً بعد إبداء قيادة الجيش تخوفها على جنودها من الإصابة بمرض «H1N1»، مفضلةً تأجيل «الحدث» إلى العام المقبل وسط ارتياح كبير داخل أوساط مسلمي الجيش. ووصف القرار العسكري في الصحافة والإذاعة والتلفزة الفرنسية ب «الحلم الذي تحقق بعد طول انتظار»، و«المفاجأة الكبرى التي لم تكن متوقعةً على الإطلاق» في أوساط الجالية الإسلامية في فرنسا، وقوبل بارتياحٍ كبيرٍ بين الجنود أنفسهم، بحسب المرشد النفسي في الجيش الفرنسي الحاج -الجزائري الأصل- سامي عبدالسلام. وكان من المقرر أن يرسل الجيش عدداً يتراوح بين 30 إلى 50 حاجاً مسلماً فرنسياً يمثلون وفداً عسكرياً فرنسياً حاجاً، نُسق له ليكون في ضيافة نظيره الجيش السعودي، وهو ما كان يسعى له الجيش الفرنسي، حتى يحضر في موسم الحج الإسلامي بدلالةٍ رمزية. ويشير المرشد النفسي في الجيش الفرنسي في تصريح ل «الحياة» أن فرنسا تأخرت كثيراً في جانب دمج أفرادها المسلمين في نسيج المجتمع الفرنسي، وأنها بالمقارنة مع المملكة المتحدة، تبدو متأخرة بمدة تتجاوز 100 عام، وحين وجدت فرنسا نفسها مضطرة تحت إلحاح المطالبات الداخلية، ذهبت إلى استنساخ التجربة الإنكليزية. ويؤكد عبدالسلام أن الإلحاح الداخلي جاء نظراً لتمثيل الجندي المسلم للعلم الفرنسي طويلاً وفي كثيرٍ من الحروب والمواقف، في مقابل معاناته من عدم حصوله على كامل حقوقه الدينية أو تطبيقها أصلاً، ويظهر ذلك من خلال تخوف الجنود المسلمين من أداء الصلوات في العلن أو صوم رمضان أو قراءة القرآن، التي كان مرجعها غياب الإطار الديني الذي يحمي المسلمين إضافةً إلى الصورة السلبية المرسومة عن الإسلام عقب الكثير من «الأحداث» العالمية. وظهر أول مظاهر الاهتمام بتعيين المرشد الديني المسلم، على غرار المرشدين الدينيين لبقية الديانات في الجيش الفرنسي، كإعلان إطار رسمي يكفل للجنود الفرنسيين المسلمين أداء شعائرهم الدينية. وينفي عبدالسلام أن يكون للعامل الخارجي أي تأثير في قرار الجيش الفرنسي احتواء الجنود المسلمين ووضع مرجعية دينية رسمية لهم، وأخيراً إرسال الجنود الفرنسيين إلى مكة لأداء الفريضة في المشاعر المقدسة، مرجعاً ذلك إلى عوامل داخلية. وتأتي زيادة وعي الجندي الفرنسي المسلم على رأس العوامل التي أدت إلى كل هذه التحولات في أقل من سنة، يُضاف إليها وجود اهتمام رسمي من أعلى السلطات في فرنسا، ويأتي وجود الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي بتوجهه اليميني، الذي يعتبر الدين مبدأ رئيساً، عاملاً إضافياً مهماً برز من خلال جهود وزير العدل الحالية، وزير الدفاع السابقة ميشيل اليوت ماريه في حكومتي رافيران وفيلبان التي قامت بهذا الموضوع بنفسها.