وجهت الوكالة الدولية للطاقة الذرية «صفعة» الى طهران، تنذر بتصعيد المواجهة بينها وبين المجتمع الدولي بسبب برنامجها النووي. وأصدر مجلس محافظي الوكالة أمس، بموافقة روسية – صينية، قراراً يوبخ السلطات الإيرانية بشدة لبنائها منشأة نووية سرية قرب مدينة قم. وأوصت الوكالة الذرية، بإحالة قرارها على مجلس الأمن، في الخطوة الثانية من نوعها ضد إيران منذ وضع ملفها في عهدة المجلس في شباط (فبراير) 2006، ما أسفر في حينه عن قرارات دولية فرضت على طهران وقف تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي لم تلتزم به، وتلاه فرض عقوبات دولية ضدها. وحذر مسؤول في الخارجية الأميركية من «تداعيات على الشرق الأوسط واستقراره» في حال عدم احترام إيران التزاماتها، فيما أكد البيت الأبيض أن قرار الوكالة، يشكل «رسالة قوية» لإيران مفادها أن «صبر المجتمع الدولي ينفد حيال مماطلتها في وقف التخصيب». ودعاها الى قبول اتفاق تخصيب اليورانيوم في الخارج. ولوّحت الخارجية الأميركية ب»عواقب جدية» لتعنت إيران، تشمل «عقوبات دولية» بداية العام المقبل، مشيدة بتعاون روسيا والصين في إصدار القرار. في المقابل، وصفت طهران القرار بأنه «مهزلة»، ورأت أنها لم تعد ملزمة ب»التعاون مع الوكالة في إجراءات تفتيش منشآتها»، مشيرة الى ان تعاونها كان «طوعياً»، في حين دعتها روسيا الى «التعامل بجدية» مع القرار. وتفادى القرار الجديد الذي قدمته المانيا واعتمده مجلس محافظي الوكالة بغالبية أعضائه (25 من أصل 35) في ختام جلساته في فيينا، تحديد عقوبات لزيادتها على سلة الإجراءات العقابية المفروضة على إيران، تاركاً هذه المهمة لمجلس الأمن. لكن حيثيات القرار، أشارت إلى أن إدانة إيران تأتي على خلفية «إخفائها لسنوات» تطوير موقع لتخصيب اليورانيوم قرب قم. وحمل القرار بشدة على طهران لمواصلتها «تحدي الشروط والالتزامات الواردة في قرارات مجلس محافظي الوكالة ومجلس الأمن»، ودان تخلف إيران عن الإعلان عن منشأة «فردو» الجديدة، ما «قوّض ثقة المجتمع الدولي» بها. وحذّر المندوب الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية من «نتائج سلبية» قد تترتب على القرار الذي «قد يضر بالأجواء المواتية» للمفاوضات التي أجريت في جنيف بين إيران والدول الست الكبرى، في إطار مشروع تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج. وأكد سلطانية أن بلاده «في حاجة الى وقود نووي في أسرع وقت ممكن لمفاعل طهران للأبحاث الطبية»، ملوحاً ب»خيارات أخرى» لتأمين اليورانيوم المخصب. لكنه شدد على أن القرار الجديد لن يدفع إيران الآن الى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، على رغم اعتباره أن طهران أصبحت «في حِلٍّ من اتخاذ أي إجراء للتعاون طوعاً مع الوكالة» في ما يتعلق بتفتيش منشآت إيرانية. وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمن برست ان «التصويت على قرار الوكالة كان «مهزلة هدفها الضغط على إيران»، معتبراً ان «هذا الموقف غير مجد». وأكد البيت الأبيض والخارجية الأميركية أن «المهلة باتت قصيرة» أمام إيران التي عليها القيام بسلسلة خطوات مثل «تسهيل الدخول الى مفاعل قم» و «إعطاء رد بناء حول مفاعل طهران النووي» وعلى التفاهمات التي أجري التفاوض حولها في جنيف وفيينا حول التخصيب في الخارج. وأشار البيت الأبيض الى أن هذه التفاهمات «تبقى على الطاولة»، لكن المطلوب «رد بنّاء من إيران». وأوضح البيت الأبيض أن واشنطن ماضية في استراتيجية المسارين (الحوار والعقوبات)، فيما أشار مسؤول في الخارجية الى إمكان فرض مجلس الأمن مزيداً من العقوبات على إيران العام المقبل. وقال إن الصين وروسيا أبدتا «قلقا شديداً من تصرف إيران وهما تدعمان بقوة تحرك الدول الست». وفي ترينيداد حيث يشارك في قمة «الكومنولث»، دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الدول الكبرى الى المضي في فرض عقوبات أشد قسوة على إيران إذا تجاهلت قرار الوكالة. واعتبرت باريس ان القرار يأتي نتيجة للتطورات» الخطرة» التي شهدها الملف النووي الإيراني خلال الأشهر الماضية والانتهاكات الإيرانية المتكررة لقرارات مجلس الأمن. وحضت الخارجية الفرنسية في بيان على عقد اجتماع للدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، في أقرب وقت ممكن، لتحديد طبيعة الخطوات المقبلة التي ينبغي اتخاذها حيال إيران. ورحبت تل ابيب بقرار الوكالة الذرية، ورأت الخارجية الإسرائيلية ان «تبني القرار بغالبية كبيرة يظهر أن المجتمع الدولي توصل الى خلاصة مفادها ان البرنامج النووي الإيراني أصبح مصدر خطر جدي وملح على السلام العالمي». في الوقت ذاته، أعلنت أنقرة أن وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو أجرى اتصالات هاتفية بمسؤولين أميركيين تناولت أزمة البرنامج النووي الإيراني. وأفادت «وكالة الأناضول» للأنباء بأن داوود اوغلو تحدث هاتفياً الى كل من الجنرال جيمس جونز مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما، والمبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك، وأبلغهما انطباعاته بعد لقائه مسؤولين إيرانيين في مدينة تبريز.