غداً، ومن شاطئ مدينة الدمام، يُبحر أحفاد النواخدة على 25 مركباً شراعياً، سيرافقهم النهام، ليردد على مسامعهم أغاني كان أجداهم يترنّمون بها على إيقاع «اليامال»، وهم يغوصون بحثاً عن لؤلؤة تحول دون أن يكون عامهم مليئاً بالبؤس والفقر. سعوديون، وبحرينيون، وعمانيون، سيعيدون ل «الساحل الشرقي» ألقه البحري، الذي كاد يغيب خلف دخان المصانع وبراميل البترول والأبراج الشاهقة. بيد أن المنطقة الشرقية موعودة باستعادة تراثها وتاريخها البحري على مدار تسعة أيام. من خلال النسخة الثالثة من مهرجان «الساحل الشرقي»، بما يقدمه من فعاليات تربو على ال200. ويقدم المهرجان، الذي يقام في واجهة الدمام البحرية، جملة من الفعاليات، منها السفن والمراكب البحرية القديمة، وأستوديو البحر، والمتحف البحري، والمسرح المفتوح، تجسيداً لمغامرات البحر و«سنة الطبعة» التي غرقت فيها مئات المراكب بمن عليها من الصيادين، قبل نحو قرن، إضافة إلى جوانب من الحياة البحرية القديمة، والأهازيج البحرية المصاحبة للصيد ورحلات الغوص، ومسابقة الغوص وصيد الأسماك واللؤلؤ، ومسابقة التصوير، واستعراض القوارب الشراعية، والأسر المنتجة، والنواخذة الذين ينقلون حياتهم اليومية في رحلات الغوص والبحث عن اللؤلؤ، وإبحار السفن والمراكب الشراعية وسباقات المراكب البحرية بالتجديف، بمشاركة مع الاتحاد السعودي للرياضات البحرية. كما يحتضن المهرجان أنشطة البلدة التراثية القابعة بجوار البحر، بمنازلها القديمة والدكاكين، والبيع والشراء القديم، والموال البحري، وعمل درامي بحري يومياً، ومجلس النواخذة، ومعارض الصور الفوتوغرافية القديمة، والصيد، ومهنة الطواش (تاجر اللؤلؤ)، والقلاف (بناء السفن وصيانتها)، والرحلات السياحية بالمراكب الشراعية، واختيار البحارة واجتماعهم وحكايات مغامرات الغوص وركوب البحر، وبداية رحلة الغوص وتوديع الأهالي على السيف ودخول البحر (الدشة)، والعودة إلى الشاطئ (القفال)، محملين بثروات البحر من اللؤلؤ والمرجان. بدوره، قال رئيس اللجنة التنفيذية لمجلس التنمية السياحية في الشرقية صالح الخضير: «يتم حالياً درس مقترح لإنشاء مقر دائم لإقامة الاحتفالات والمهرجانات في المنطقة»، مشيراً إلى أنه سيتم في الاجتماع المقبل للمجلس «بحث آلية إيجاد هوية واحدة لجميع مهرجانات المنطقة، تشترك فيها كل من الأمانة وجهاز السياحة والآثار والغرفة». وأشار خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، بمناسبة انطلاق المهرجان، أنه سيشارك في المهرجان أكثر من 1500 فرد من شباب المنطقة، من خلال وظائف موقتة. كما سيوفر المهرجان وظائف غير مباشرة من الحرفيين والأسر المنتجة، إذ ستشارك في المهرجان أكثر من 100 أسرة منتجة. واعتبر الخضير المهرجان «أحد العناوين الرئيسة التي تجسد حياة الآباء والأجداد في المنطقة، وعلاقتهم بالبيئة البحرية، وترسيخاً لهوية المنطقة وموروثها الثقافي والتراثي»، موضحاً أن «المهرجان يتضمن أكثر من 200 فعالية. وتم بناء قرية تراثية خاصة بالواجهة البحرية في الدمام لاحتضان هذه الفعاليات». وأكد أن المهرجان بنسخته الحالية «يطمح للعالمية كأول مهرجان بحري من نوعه، بعد أن حقق نجاحات على المستويين الوطني والخليجي». بدوره، قال المدير العام للهيئة العامة للسياحة والآثار أمين مجلس التنمية السياحية في الشرقية المهندس عبداللطيف البنيان: «إن مهرجان «الساحل الشرقي» حصل على تقدير «ممتاز» من غالبية زوار المهرجان، الذين قدموا بحسب إحصاءات مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس)، ما يزيد على 28 وجهة من مختلف مناطق المملكة، وأكثرية واضحة لمنطقة الرياض، بنسبة 20 في المئة»، مضيفاً: «إن 41 في المئة من الزوار كان غرض زيارتهم السياحة»، لافتاً إلى أن المهرجان «يحقق معدل أشغال لقطاع الإيواء السياحي 100 في المئة بحاضرة الدمام، ما أسهم في تحقيق عوائد اقتصادية عالية للمنطقة». وكشف الشريك المنفذ للمهرجان الدكتور مقبل المقبل، أن مهرجان «الساحل الشرقي» يقام وفق استراتيجية واضحة المعالم، تهدف لتحقيق رضا جميع الفئات. بعد أن حقق مهرجان العام الماضي أكثر من 22 مليون مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومليوني مشاهدة في «يوتيوب»، مشيراً إلى عدد من «المفاجآت» التي أضيفت على فعالياته هذا العام، إذ تشارك فيه أكثر من خمس فرق للفولكلور الشعبي، و25 مركباً شراعياً.