برلين، موسكو، بكين، أوسلو - أ ب، رويترز، أ ف ب - اعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أمس، أن التحقيق الذي تجريه الوكالة لإثبات الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، وصل الى «طريق مسدود» بسبب مراوغة طهران التي أعرب عن «خيبة أمله» من رفضها مشروعه لتبادل الوقود النووي. يأتي ذلك في وقت أعدّت الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، مشروع قرار لإقراره اليوم، خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا، يحضّ طهران على وقف بناء المنشأة الجديدة لتخصيب اليورانيوم في فردو قرب مدينة قم. وأفيد بأن القرار سيحظى بتأييد روسي وصيني، لكن إيران ردت مهددة بخفض تعاونها مع الوكالة الى «الحد الأدنى»، إذا تبنى مجلس محافظيها القرار. على صعيد آخر، أعلنت النروج أن طهران «صادرت» جائزة نوبل للسلام التي منحت للمحامية الإيرانية شيرين عبادي العام 2003، مؤكدة ان وزارة الخارجية استدعت القائم بالأعمال الإيراني للاحتجاج على الأمر. وقال وزير الخارجية النروجي يوناس غار ستوير: «مثل هذه الأفعال يجعلنا نشعر بالصدمة... هذه أول مرة تصادر فيها سلطات جائزة نوبل للسلام» من أحد مواطنيها. الوكالة الذرية في فيينا يتوقع أن يبدأ مجلس محافظي الوكالة الذرية اليوم، مناقشة التقرير الأخير للبرادعي حول البرنامج النووي الإيراني، فيما انتهزت الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) فرصة انعقاد المجلس لإعداد مشروع قرار قدمته ألمانيا، يحضّ إيران على وقف بناء منشأة قم وتوضيح هدفها الأساسي وتأكيد عدم امتلاك طهران منشآت نووية سرية أو خططاً أخرى خفية في هذا المجال. ويعود آخر قرار أصدره مجلس محافظي الوكالة حول إيران، الى عام 2006 حين أحال ملفها النووي على مجلس الأمن لرفضها تعليق التخصيب وفتح منشآتها أمام التفتيش الدولي. وفي بكين، قال هي يافي نائب وزير الخارجية إن حكومته تفكر «مبدئياً» في تأييد مشروع القرار حول إيران، معرباً عن أمله في أن «يرسل (مجلس محافظي) الوكالة الذرية إشارة بأن على إيران الرد على اقتراح الوكالة في أسرع وقت ممكن». وأعرب عن أمله ب «تسوية هذه المسألة عبر التشاور». وقال ديبلوماسي مطلع على اجتماع الوكالة ل «الحياة» أن مشروع القرار يحظى بتأييد روسيا والصين، مشيراً الى أن حظوظ إقراره كبيرة على رغم المعارضة التي سيواجهها من دول عدم الانحياز المتحالفة مع طهران. وأشار إلى أن «الكرة في ملعب إيران» التي يمكنها تفادي التصعيد بإعلان موافقتها على مشروع البرادعي، لافتاً في الوقت ذاته إلى ان اعتماد مشروع القرار سيعني العودة إلى النقطة صفر مع إيران ونسف كل المحاولات الديبلوماسية التي بُذلت خلال السنوات الأخيرة، لتفادي مواجهة. في المقابل، حذر المندوب الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية من أن أي قرار ضد بلاده يمكن ان «يعرّض الأجواء البناءة الحالية للخطر» وتترتب عليه «عواقب طويلة الأمد». وقال لصحيفة «سودويتشي تسايتونغ» الألمانية أن تعاون طهران مع الوكالة الذرية سيكون في هذه الحال «مقتصراً على الحد الأدنى الملزم لنا قانونياً». وقال البرادعي في كلمة أمام مجلس محافظي الوكالة ان مشروعه «فرصة فريدة» على طهران «اغتنامها، لاثبات الطابع السلمي لبرنامجها النووي». ورأى أن تأخرها في إبلاغ الوكالة ببناء منشأة قم، يُعتبر «انتهاكاً لالتزاماتها قوّض الثقة بعدم وجود منشآت نووية أخرى قيد الإنشاء من دون إبلاغ الوكالة عنها». كذلك انتقد البرادعي عدم حصول تقدم في التحقيق حول البرنامج النووي السوري، وقال في تقريره الى حكام الوكالة: «لم تبد سورية التعاون اللازم الذي يخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحديد مصدر مركبات اليورانيوم الطبيعي المرصودة في عينات أخذها مفتشو الوكالة في موقع دير الزور». وتابع ان دمشق «لم تقدم كذلك المعلومات او تسمح بالحصول على اللازم لتاكيد اقوال سورية التي تنفي صلة المبنى المدمر بانشطة نووية». ويُعد اجتماع مجلس محافظي الوكالة، الأخير الذي يديره البرادعي، إذ سيترك منصبه الثلثاء المقبل، بعدما شغله 12 سنة ليخلفه الياباني يوكيا أمانو. الى ذلك، حضت الخارجية الروسية طهران على «ضرورة الالتزام بمبادئ الاتفاق الذي تم التوصل إليه أثناء مفاوضات جنيف» حول تبادل الوقود النووي. جاء هذا الموقف قبل ساعات من إعلان وزارة الطاقة الروسية أن وزير الطاقة سيرغي شماتكو سيزور إيران بعد غد، لمناقشة تطور أعمال بناء مفاعل «بوشهر» النووي الذي أعلنت موسكو إرجاء تشغيله الى العام المقبل.