أعلن مصدر في مكتب طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي أمس، أن اتفاقاً أبرم بينه وبين كتل برلمانية «فاعلة» تضمن ايجاد آليات لقانون الانتخابات الجديد تمهد الطريق أمام عدم نقضه مرة ثانية، فيما أشارت مصادر أخرى الى أن «هذه التسوية تقضي بعدم إنقاص أي مقعد من المحافظات العراقية». وأوضح بيان لمكتب رافع العيساوي نائب رئيس الوزراء العراقي أمس أن «اجتماعاً جمعه صباح اليوم (أمس) بالكتل السياسية وفي حضور أعضاء من بعثة الأممالمتحدة العاملة في العراق (يونامي) للبحث في امكانية الوصول الى صيغة توافقية للحفاظ على عدد المقاعد النيابية للمحافظات كافة». وأشار البيان الى أن «نائب رئيس الوزراء وجد في هذا الاجتماع تفهماً ومرونة من الكتل السياسية». ورجح «الحفاظ على المقاعد المخصصة لكل المحافظات والعودة الى الارقام السابقة قبل عملية النقض». وأكد أن «الأزمة في طريقها إلى الحل قريباً». وذكر أن «الاجتماع استمر لساعات وجرت فيه أيضاً مناقشة امكان المصادقة على قانون الانتخابات الحالي وإجراء عملية الاقتراع في أسرع وقت، وحال اتمام الاستعدادات اللوجستية والفنية لمفوضية الانتخابات». وكان الهاشمي، وهو النائب السنّي لرئيس الجمهورية، نقض في شكل جزئي مطلع الشهر الجاري مشروع قانون الانتخابات الذي مرره مجلس النواب احتجاجاً على عدم تضمن القانون مقاعد كافية للعراقيين المقيمين في الخارج. ووسط امتعاض الكتلة الشيعية والكردية من اعتراض الهاشمي، مرر مجلس النواب قانوناً ثانياً وصفه بيان لنائب الرئيس قبل يومين بأنه جاء «أكثر اجحافاً» من القانون الأول، وهو ما أثار تكهنات وتوقعات باحتمال نقضه القانون مرة ثانية. وتضمن القانون الثاني آلية اعتبرها عدد كبير من النواب أنها جاءت نكاية بالهاشمي لموقفه من القانون الأول، وأنها تحرم محافظات سنية من عدد من المقاعد كان القانون الأول تضمنها، وأعطاها للمحافظات الكردية. وقال عبدالإله كاظم الناطق الرسمي باسم المكتب الاعلامي للهاشمي إن اتفاقاً «حدث اليوم بين الهاشمي والكتل البرلمانية الفاعلة من بينها الائتلاف الشيعي (أكبر الكتل البرلمانية) ومفوضية الانتخابات، وبإشراف الاممالمتحدة، تضمن ايجاد آليات لقانون الانتخابات الثاني تضمن عدم انقاص المقاعد لأي من المحافظات ... والمساواة في التصويت بين عراقيي الداخل والخارج». وأضاف أن «الأمور تسير في هذا الاتجاه... وهذا يدفعنا للقول إن لا حاجة لنقض ثان للقانون إن شاء الله». ومن شأن الاتفاق على القانون الجديد وعدم استخدام النقض مرة ثانية إجراء الانتخابات في موعد يقترب كثيراً من موعدها المقرر، وهو إجراء سيجنب البلاد أي فراغ دستوري أو سياسي وهو احتمال سيؤثر بالنتيجة في الجداول الزمنية لانسحاب القوات الأميركية من العراق والمفترض أن يكتمل انسحابها نهاية عام 2011. من جهته، أكد النائب عمر الكربولي عضو قائمة «تجديد» التي يتزعمها الهاشمي ل «الحياة» إن «هناك اقتراحات من أكثر من جهة مقدمة للهاشمي لتفادي نقضه للقانون. وهو ومستشاروه يدرسون أفضل الاقتراحات». ورجح «الوصول الى صيغة توافقية خلال الساعات المقبلة تكون مرضية للجميع». ووصف الكربولي الأجواء بأنها «أكثر من جيدة، وهناك تسوية واتفاق يلوحان في الأفق». وأوضح أن «أهم الاقتراحات هو عدم إنقاص أي مقعد من أي محافظة، مع الحفاظ على أصوات المهجرين». لكن عضو مجلس المفوضين قاسم العبودي قال ل «الحياة» إن «الاتفاق يقضي بتمرير القانون ذاته الذي صادق البرلمان على تعديله». ورجح «اجراء الانتخابات في نهاية شباط (فبراير) العام المقبل» لأن «المواعيد السابقة باتت مستحيلة التطبيق». وكان الرئيس جلال طالباني ونائبه عادل عبد المهدي وافقا على القانون الجديد أول من أمس. وتسعى أطراف سياسية عراقية وأجنبية من بينها مفوضية الاممالمتحدة في العراق والسفارة الأميركية، إلى ضمان إجراء الانتخابات في موعدها أو عدم تأجيلها الى تواريخ بعيدة من التاريخ المحدد لها وهو نهاية كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ: «نحض الهاشمي على قبول القانون الجديد، وعدم افتعال مزيد من الصعوبات». وأضاف أن «مفوضية الانتخابات أوضحت اننا الآن بحاجة الى تمديد موعد الانتخابات. لكننا حتى الآن لا نعلم متى ستجرى الانتخابات». وينص الدستور العراقي على تشريع قانون للانتخابات بموعد يسبقها بفترة 60 يوماً على الاقل، ما يعني استحالة اجرائها في موعدها المقرر وهو الاسبوع الاخير من شهر كانون الثاني (يناير). وفي هذا السياق، توقع السفير السابق لبريطانيا في العراق كريستوفر برينتيس الذي انتهت مهمته قبل يومين، صدور تعديلات جديدة وأخيرة على قانون الانتخابات في العراق، وذلك بعد ثمانية أيام من انتهاء فرصة العيد. وتوقع حصول الانتخابات في أواسط شباط (فبراير) المقبل. وتحدث السفير البريطاني السابق الذي كان يلقي محاضرة تحت عنوان: «العراق، فرص الانتخابات وما بعد»، عن أهمية عدم مقاطعة السنة الانتخابات، مشيراً الى أن بعض الفئات الشيعية قد لا تشارك في الانتخابات لخيبة أمله بالسياسيين والأحداث، وهذا ما حصل في انتخابات المحافظات. وأعرب برينتيس عن أمله في أن تستطيع الحكومة التي ستؤلف بعد الانتخابات حل كثير من القضايا العالقة والشائكة في العراق مثل قانون النفط والعلاقة بين الأكراد والعرب وكركوك والتعديلات الدستورية التي يجب أن تطاول صلاحيات الرئيس وتحديد مسؤوليات الحكومة المركزية وصلاحياتها. وشدد السفير البريطاني السابق في العراق على أن المجتمع الدولي سيدعم بقوة حل المسألة العالقة بين الكويت والعراق، والتي أصبحت بنود الاتفاق عليها شبه منتهية. ووصف عراق المستقبل بأنه سيكون بلداً مستقراً ومزدهراً لجميع أبنائه وذا حكومة مركزية قوية وديموقراطية. واعتبر أن مثل هذا العراق سيكون جسراً بين العالم العربي السنّي وإيران المستقبل. وأكد أن هذه الرؤية واقعية وحية، لكنّ هناك طريقاً طويلاً قبل تحقيقها، مشيراً الى أن الانتخابات المقبلة هي خطوة على الطريق الصحيح.